وقول الفرزدق في علي بن الحسين [من البسيط] :
٣٦٥ ـ يغضي حياء ويغضى من مهابته ، |
|
[فما يكلّم إلّا حين يبتسم](١) |
الخامس : البدل : نحو : (أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ) [التوبة : ٣٨] ، (لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ) [الزخرف : ٦٠] ، لأن الملائكة لا تكون من الإنس (لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً) [آل عمران : ١٠] ، أي بدل طاعة الله ، أو بدل رحمة الله ، «ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ» أي : لا ينفع ذا الحظ من الدنيا حظه بذلك ، أي بدل طاعتك أو بدل حظك ، أي بدل حظه منك ؛ وقيل : ضمّن «ينفع» معنى «يمنع» ؛ ومتى علّقت «من» بالجد انعكس المعنى ، وأما (فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ) [آل عمران : ٢٨] فليس من هذا خلافا لبعضهم ، بل «من» للبيان أو للابتداء ، والمعنى : فليس في شيء من ولاية الله ، وقال ابن مالك في قول أبي نخيلة [من الرجز] :
٣٦٦ ـ [جارية لم تأكل المرقّقا] |
|
ولم تذق من البقول الفستقا (٢) |
المراد بدل البقول ؛ وقال غيره : توهّم الشاعر أن الفستق من البقول ، وقال الجوهري : الرواية «النّقول» ـ بالنون ـ و «من» عليهما للتبعيض ، والمعنى على قول الجوهري أنها تأكل النقول إلّا الفستق ، وإنّما المراد أنها لا تأكل إلا البقول ، لأنها بدويّة.
وقال الآخر يصف عامل الزّكاة بالجور [من الكامل] :
٣٦٧ ـ أخذوا المخاض من الفصيل غلبّة |
|
ظلما ، ويكتب للأمير أفيلا (٣) |
أي : بدل الفصيل ؛ و «الأفيل» : الصغير لأنه يأفل بين الإبل : أي يغيب. وانتصاب «أفيلا» على الحكاية ؛ لأنهم يكتبون «أدّى فلان أفيلا». وأنكر قوم مجيء «من» للبدل ، فقالوا : التقدير في (أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ) [التوبة : ٣٨] أي : بدلا منها ؛ فالمفيد للبدليّة متعلّقها المحذوف ، وأما هي فللابتداء ، وكذا الباقي.
__________________
(١) البيت من البسيط ، وهو للحزين بن الكناني (عمرو بن عبد وهيب) في الأغاني ١٥ / ٢٦٣ ، ولسان العرب ١٣ / ١١٤ مادة / حزن / ، وللفرزدق في ديوانه ٢ / ١٧٩ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٣٢ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٥١٣.
(٢) البيت من الرجز ، وهو لرؤبة في ديوانه ص ١٨٠ ، ولأبي نخيلة في شرح شواهد المغني ٢ / ٧٣٥ ، ولسان العرب مادة (فستق) ، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ١٣٢٩ ، والجنى الداني ص ٣١١.
(٣) البيت من الكامل ، وهو للراعي النميري في ديوانه ص ٢٤٢ ، وتذكرة النحاة ص ٣١١ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٣٦ ، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص ٢٧٣ ، وشرح الأشموني ٢ / ٢٨٨.