السادس : مرادفة «عن» ، نحو : (فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ) [الزمر : ٢٢] ، (يا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا) [الأنبياء : ٩٧] ، وقيل : هي في هذه الآية للابتداء ، لتفيد أن ما بعد ذلك من العذاب أشدّ ، وكأنّ هذا القائل يعلق معناها بـ «ويل» ، مثل : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ) [ص : ٢٧] ، ولا يصحّ كونه تعليقا صناعيّا للفصل بالخبر ، وقيل : هي فيهما للابتداء ، أو هي في الأوّل للتعليل ، أي من أجل ذكر الله ؛ لأنّه إذا ذكر قست قلوبهم.
وزعم ابن مالك أنّ «من» في نحو : «زيد أفضل من عمرو» للمجاوزة ، وكأنه قيل : جاوز زيد عمرا في الفضل ، قال : وهو أولى من قول سيبويه وغيره : إنها لابتداء الارتفاع في نحو : «أفضل منه» ، وابتداء الانحطاط في نحو : «شرّ منه» إذ لا يقع بعدها «إلى» ، ا ه.
وقد يقال : ولو كانت للمجاوزة لصحّ في موضعها «عن».
السابع : مرادفة الباء ، نحو : (يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍ) [الشورى : ٤٥] قاله يونس ، والظاهر أنها للابتداء.
الثامن : مرادفة «في» ، نحو : (أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ) [فاطر : ٤٠] ، (إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) [الجمعة : ٩] ، والظاهر أنها في الأولى لبيان الجنس مثلها في (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ) [البقرة : ١٠٦].
التاسع : موافقة «عند» ، نحو : (لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً) [آل عمران : ١٠] قاله أبو عبيدة ، وقد مضى القول بأنها في ذلك للبدل.
العاشر : مرادفة «ربّما» ، وذلك إذا اتّصلت بـ «ما» كقوله [من الطويل] :
٣٦٨ ـ وإنّا لممّا نضرب الكبش ضربة |
|
على رأسه تلقي اللّسان من الفم (١) |
قاله السيرافي وابن خروف وابن طاهر والأعلم ، وخرّجوا عليه قول سيبويه : واعلم أنهم مما يحذفون كذا ، والظاهر أن «من» فيهما ابتدائيّة و «ما» مصدريّة ، وأنهم جعلوا كأنهم خلقوا من الضرب والحذف مثل (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) [الأنبياء : ٣٧].
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو لأبي حية في ديوانه ص ١٧٤ ، والأزهية ص ٩١ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٢١٥ ـ ٢١٦ ، والدرر ٤ / ١٨١ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٣ / ٢٦٠ وشرح شواهد الإيضاح ٢١٩.