الحادي عشر : مرادفة «على» ، نحو : (وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ) [الأنبياء : ٧٧] ، وقيل : على التّضمين ، أي : منعناه منهم بالنّصر.
الثاني عشر : الفصل ،وهي الدّاخلة على ثاني المتضادّين ، نحو : (وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) [البقرة : ٢٢٠] ، (حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) [آل عمران : ١٧٩] قاله ابن مالك ، وفيه نظر ؛ لأن الفصل مستفاد من العامل ، فإنّ «ماز» و «ميّز» بمعنى «فصل» ، والعلم صفة توجب التّمييز ، والظاهر أنّ «من» في الآيتين للابتداء ، أو بمعنى «عن».
الثالث عشر : الغاية ، قال سيبويه : «وتقول رأيته من ذلك الموضع» فجعلته غاية لرؤيتك ، أي : محلّا للابتداء والانتهاء ؛ قال : «وكذا أخذته من زيد» ؛ وزعم ابن مالك أنها في هذه للمجاوزة ، والظاهر عندي أنها للابتداء ، لأن الأخذ ابتدىء من عنده وانتهى إليك.
الرابع عشر : التّنصيص على العموم ، وهي الزّائدة في نحو : «ما جاءني من رجل» فإنه قبل دخولها يحتمل نفي الجنس ونفي الوحدة ؛ ولهذا يصحّ أن يقال : «بل رجلان» ويمتنع ذلك بعد دخول «من».
الخامس عشر : توكيد العموم ، وهي الزائدة في نحو : «ما جاءني من أحد ، أو من ديّار» فإن «أحدا» و «ديارا» صيغتا عموم.
وشرط زيادتها في النوعين ثلاثة أمور :
أحدها : تقدّم نفي أو نهي أو استفهام بهل ، نحو : (وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها) [الأنعام : ٥٩] ، (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) [الملك : ٣] ، (فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ) [الملك : ٣] ، وتقول : «لا يقم من أحد» ، وزاد الفارسي الشّرط ، كقوله [من الطويل] :
٣٦٩ ـ ومهما تكن عند امرىء من خليقة |
|
وإن خالها تخفى على النّاس تعلم (١) |
وسيأتي فصل «مهما».
والثاني : تنكير مجرورها.
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ٣٢ ، والجنى الداني ص ٦١٢ ، والدرر ٤ / ١٨٤ ، ٥ / ٨٢ ، وشرح شواهد المغني ص ٣٨٦ ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ٣ / ٥٧٩ ، وهمع الهوامع ٢ / ٣٥ ـ ٥٨.