والثالث : كونه فاعلا ، أو مفعولا به ، أو مبتدأ.
* * *
تنبيهات
أحدها : قد اجتمعت زيادتها في المنصوب والمرفوع في قوله تعالى : (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ) [المؤمنون : ٩١] ، ولك أن تقدّر «كان» تامّة ، لأن مرفوعها فاعل ؛ وناقصة ، لأن مرفوعها شبيه بالفاعل وأصله المبتدأ.
الثاني : تقييد المفعول بقولنا به هي عبارة ابن مالك ، فتخرج بقيّة المفاعيل ، وكأنه وجه منع زيادتها في المفعول معه والمفعول لأجله والمفعول فيه أنهنّ في المعنى بمنزلة المجرور بـ «مع» وباللام بـ «في» ، ولا تجامعهنّ «من» ، ولكن لا يظهر للمنع في المفعول المطلق وجه ، وقد خرّج عليه أبو البقاء (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) [الأنعام : ٣٨] ، فقال : «من» زائدة و «شيء» في موضع المصدر ، أي تفريطا ، مثل : (لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً) [آل عمران : ١٢٠] ، والمعنى تفريطا وضرّا ؛ وقال : ولا يكون مفعولا به ، لأن «فرّط» إنما يتعدّى إليه بـ «في» ، وقد عدّي بها إلى الكتاب ، قال : وعلى هذا فلا حجّة في الآية لمن ظن أن الكتاب يحتوي على ذلك كلّ شيء صريحا ؛ قلت : وكذا لا حجّة فيها لو كان «شيء» مفعولا به ، لأن المراد بالكتاب اللوح المحفوظ ، كما في قوله تعالى : (وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) [الأنعام : ٥٩] وهو رأي الزمخشريّ ، والسّياق يقتضيه.
الثالث : القياس أنها لا تزاد في ثاني مفعولي «ظنّ» ، ولا ثالث مفعولات «أعلم» ، لأنهما في الأصل خبر ؛ وشذّت قراءة بعضهم : (ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ) [الفرقان : ١٨] ببناء «نتخّذ» للمفعول ؛ وحملها ابن مالك على شذوذ زيادة «من» في الحال ، ويظهر لي فساده في المعنى ؛ لأنّك إذا قلت : «ما كان لك أن تتّخذ زيدا في حالة كونه خاذلا لك» فأنت مثبت لخذلانه ناه عن اتخاذه ، وعلى هذا فيلزم أن الملائكة أثبتوا لأنفسهم الولاية.
الرابع : أكثرهم أهمل هذا الشرط الثالث ؛ فيلزمهم زيادتها في الخبر ، في نحو : «ما زيد قائما» ، والتمييز في نحو : «ما طاب زيد نفسا» ، والحال في نحو : «ما جاء أحد راكبا» ، وهم لا يجيزون ذلك.
وأما قول أبي البقاء في (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ) [البقرة : ١٠٦] : إنه يجوز كون (آيَةٍ)