قال : إذ لا تكون مبتدأ لعدم الرّابط من الخبر وهو فعل الشرط ، ولا مفعولا لاستيفاء فعل الشّرط مفعوله ، ولا سبيل إلى غيرهما ، فتعيّن أنها لا موضع لها.
والجواب أنها في الأول إمّا خبر «تكن» ، و «خليقة» : اسمها ، و «من» زائدة ، لأن الشرط غير موجب عند أبي علي ، وإما مبتدأ ، واسم «تكن» ضمير راجع إليها ، والظرف خبر ، وأنّث ضميرها لأنها الخليقة في المعنى ، ومثله «ما جاءت حاجتك» فيمن نصب «حاجتك» ، و «من خليقة» : تفسير للضمير ، كقوله [من الطويل] :
٣٨١ ـ [فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها] |
|
لما نسجتها من جنوب وشمأل (١) |
وفي الثاني مفعول «تصب» ، و «أفقا» : ظرف ، و «من بارق» : تفسير لـ «مهما» أو متعلق بـ «تصب» ، فمعناها التبعيض ، والمعنى : أي شيء تصب في أفق من البوارق تشم.
وقال بعضهم : «مهما» ظرف زمان ، والمعنى : أي وقت تصب بارقا من أفق ، فقلب الكلام ، أو في أفق بارقا ، فزاد «من» ، واستعمل «أفقا» ظرفا ، انتهى ؛ وسيأتي أن «مهما» لا تستعمل ظرفا.
وهي بسيطة ، لا مركّبة من «مه» و «ما» الشرطيّة ، ولا من «ما» الشرطية و «ما» الزائدة ، ثم أبدلت الهاء من الألف الأولى دفعا للتّكرار ؛ خلافا لزاعمي ذلك.
ولها ثلاثة معان :
أحدها : ما لا يعقل غير الزمان مع تضمّن الشرط ، ومنه الآية ، ولهذا فسرت بقوله تعالى : (مِنْ آيَةٍ) [الأعراف : ١٣٢] وهي فيها إمّا مبتدأ أو منصوبة على الاشتغال ، فيقدّر لها عامل متعدّ كما في «زيدا مررت به» متأخّرا عنها ، لأنّ لها الصدر ، أي : مهما تحضرنا تأتنا به.
الثاني : الزمان والشرط ، فتكون ظرفا لفعل الشرط. ذكره ابن مالك ، وزعم أن النّحويين أهملوه ، وأنشد لحاتم [من الطويل] :
٣٨٢ ـ وإنّك مهما تعط بطنك سؤله |
|
وفرجك نالا منتهى الذّمّ أجمعا (٢) |
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو لامرىء القيس ص ٨ ، والأضداد ص ٩٣ ، وخزانة الأدب ١١ / ٦ ، والدرر ١ / ٢٨٥ ، وبلا نسبة في خزانة الأدب ٩ / ٢٧.
(٢) البيت من الطويل ، وهو لمتم بن نويرة في ديوانه ص ١١٧ ، ولسان العرب ١٠ / ٣٩٧ مادة / برك / وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٣٢٥.