ويؤكّد بهما صيغ الأمر مطلقا ، ولو كان دعائيّا ، كقوله [من الرجز] :
٣٩٩ ـ فأنزلن سكينة علينا |
|
[وثبّت الأقدام إن لاقينا](١) |
إلّا «أفعل» في التعجب ، لأن معناه كمعنى الفعل الماضي ، وشذّ قوله [من الطويل] :
٤٠٠ ـ ومستبدل من بعد غضيا صريمة] ، |
|
فأحر به بطول فقر وأحريا (٢) |
ولا يؤكّد بهما الماضي مطلقا ، وشذّ قوله [من الكامل] :
٤٠١ ـ دامنّ سعدك لو رحمت متيّما ، |
|
لولاك لم يك للصّبابة جانحا (٣) |
والذي سهّله أنه بمعنى «افعل» ، وأمّا المضارع فإن كان حالا لم يؤكّد بهما ، وإن كان مستقبلا أكّد بهما وجوبا في نحو قوله تعالى : (وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ) [الأنبياء : ٥٧] ، وقريبا من الوجوب بعد «إمّا» في نحو : (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ) [الأنفال : ٥٨] ، (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ) [الأعراف : ٢٠٠]. وذكر ابن جني أنه قرىء (فَإِمَّا تَرَيِنَ) [مريم : ٢٦] بياء ساكنة بعدها نون الرفع على حد قوله [من البسيط] :
يوم الصّليفاء لم يوفون بالجار
ففيها شذوذان : ترك نون التوكيد ، وإثبات نون الرفع مع الجازم ، وجوازا كثيرا بعد الطلب ، نحو : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً) [إبراهيم : ٤٢] وقليلا في مواضع ، كقولهم [من الطويل] :
٤٠٢ ـ [إذا مات منهم سيّد سرق ابنه] |
|
ومن عضة ما ينبتنّ شكيرها (٤) |
الثاني : التنوين ، وهو نون زائدة ساكنة تلحق الآخر لغير توكيد ؛ فخرج نون «حسن» لأنها أصل ، ونون «ضيفن» للطفيليّ لأنها متحرّكة ، ونون «منكسر» و «انكسر» لأنها غير آخر ، ونون (لَنَسْفَعاً) [العلق : ١٥] لأنها للتّوكيد.
__________________
(١) البيت من الرجز ، وهو لعبد الله بن واحة رضياللهعنه في ديوانه ص ١٠٧ ، وله أو لعامر بن الأكوع في الدرر ٥ / ١٤٨ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ٢٣٤ ، وخزانة الأدب ٧ / ١٣٩ ، وهمع الهوامع ٢ / ٧٨.
(٢) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في جواهر الأدب ص ٥٨ ، والدرر ٥ / ١٥٩ ، وشرح الأشموني ٢ / ٥٥٠ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٥٩.
(٣) البيت من الكامل ، وهو بلا نسبة في الجنى الداني ص ١٤٣ ، والدرر ٥ / ١٦١ ، وشرح الأشموني ٢ / ٤٩٥ وشرح شواهد المغني ص ٧٦٠.
(٤) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك ٤ / ١٠٣ ، وخزانة الأدب ٤ / ٥٢ ـ ٦ / ٢٨١ وشرح الأشموني ٢ / ٤٩٧ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١٦٤٣.