(وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ) [آل عمران : ١٥٤] ، فقال : الواو للحال ، وقيل : بمعنى «إذ» ، وسبقه إلى ذلك مكي ، وزاد عليه فقال : الواو للابتداء ، وقيل : للحال ، وقيل : بمعنى «إذ» ، ا ه. والثلاثة بمعنى واحد ؛ فإن أراد بالابتداء الاستئناف فقولهما سواء.
ومن أمثلتها داخلة على الجملة الفعلية قوله [من الطويل] :
٤٣٠ ـ بأيدي رجال لم يشيموا سيوفهم |
|
ولم تكثر القتلى بها حين سلّت (١) |
ولو قدرتها عاطفة لانقلب المدح ذمّا.
وإذا سبقت بجملة حالية احتملت ـ عند من يجيز تعدد الحال ـ العاطفة والابتدائية ، نحو : (اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ) [الأعراف : ٢٤].
الرابع والخامس : واوان ينتصب ما بعدهما ، وهما واو المفعول معه كـ «سرت والنّيل» ، وليس النّصب بها خلافا للجرجاني ، ولم يأت في التنزيل بيقين ، فأما قوله تعالى : (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ) [يونس : ٧١] في قراءة السبعة (فَأَجْمِعُوا) بقطع الهمزة و (شُرَكاءَكُمْ) بالنصب ، فتحتمل الواو فيه ذلك ، وأن تكون عاطفة مفردا على مفرد بتقدير مضاف أي وأمر شركائكم ، أو جملة على جملة بتقدير فعل ، أي : واجمعوا شركاءكم بوصل الهمزة ، وموجب التقدير في الوجهين أن «أجمع» لا يتعلّق بالذوات ، بل بالمعاني ، كقولك : «أجمعوا على قول كذا» ، بخلاف «جمع» فإنه مشترك ، بدليل (فَجَمَعَ كَيْدَهُ) [طه : ٦٠] ، (الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ) (٢) [الهمزة : ٢] ، ويقرأ (فَأَجْمِعُوا) بالوصل فلا إشكال ، ويقرأ برفع «الشركاء» عطفا على الواو للفصل بالمفعول.
والواو الداخلة على المضارع المنصوب لعطفه على اسم صريح أو مؤوّل ؛ فالأول كقوله [من الوافر] :
٤٣١ ـ ولبس عباءة وتقرّ عيني |
|
أحبّ إليّ من لبس الشّفوف (٢) |
والثاني : شرطه أن يتقدّم الواو نفي أو طلب ، وسمّى الكوفيّون هذه الواو واو الصّرف ، وليس النصب بها خلافا لهم ، ومثالها (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) [آل عمران : ١٤٢] ، وقوله [من الكامل] :
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو للفرزدق في ديوانه ص ١٣٩ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٢٢ ، وشرح المغني ص ٧٧٨ ، ولسان العرب ١٢ / ٣٣٠ مادة / شيم /.
(٢) تقدم تخريجه.