وحمل على ذلك (حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها) [الزمر : ٧١] بدليل الآية الأخرى. وقيل : هي عاطفة ، والزّائدة الواو في (وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها) [الزمر : ٧١] وقيل : هما عاطفتان ، والجواب محذوف ، أي : كان كيت وكيت ؛ وكذا البحث في (فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنادَيْناهُ) [الصافات : ١٠٣ ـ ١٠٤] ، الأولى أو الثانية زائدة على القول الأول ، أو هما عاطفتان والجواب محذوف على القول الثاني ؛ والزيادة ظاهرة في قوله [من الطويل] :
٤٣٨ ـ فما بال من أسعى لأجبر عظمه |
|
حفاظا ، وينوي من سفاهته كسري؟ (١) |
وقوله [من الكامل] :
٤٣٩ ـ ولقد رمقتك في المجالس كلّها |
|
فإذا وأنت تعين من يبغيني (٢) |
والتاسع : واو الثّمانية ، ذكرها جماعة من الأدباء كالحريري ، ومن النحويين الضّعفاء كابن خالويه ، ومن المفسرين كالثّعلبي ، وزعموا أن العرب إذا عدّوا قالوا ستة ، سبعة وثمانية ، إيذانا بأنّ السبعة عدد تام ، وأن ما بعدها عدد مستأنف واستدلّوا على ذلك بآيات.
إحداها (سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ) [الكهف : ٢٢] ، إلى قوله سبحانه : (سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) [الكهف : ٢٢] ، وقيل : هي في ذلك لعطف جملة على جملة ؛ إذ التقدير : هم سبعة ، ثم قيل : الجميع كلامهم ؛ وقيل : العطف من كلام الله تعالى ، والمعنى : نعم هم سبعة وثامنهم كلبهم ، وإن هذا تصديق لهذه المقالة كما أن (رَجْماً بِالْغَيْبِ) [الكهف : ٢٢] تكذيب لتلك المقالة ، ويؤيّده قول ابن عبّاس رضياللهعنهما : حين جاءت الواو انقطعت العدّة ، أي : لم تبق عدّة عادّ يلتفت إليها.
فإن قلت : إذا كان المراد التّصديق فما وجه مجيء (قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ) [الكهف : ٢٢]؟
قلت : وجه الجملة الأولى توكيد صحّة التصديق بإثبات علم المصدّق ؛ ووجه الثانية الإشارة إلى أن القائلين تلك المقالة الصادقة قليل ، أو أن الذي قالها منهم عن يقين قليل ، أو لما كان التصديق في الآية خفيّا لا يستخرجه إلا مثل ابن عباس قيل ذلك ، ولهذا كان يقول : وأنا من ذلك القليل ، هم سبعة وثامنهم كلبهم.
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو لعامر بن مجنون في حماسة البحتري ص ٧٥ ، ولابن الذئبة الثقفي في سمط للآلي ص ٦٣ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٨١ ، وللأجرد في الشعر والشعراء ٢ / ٧٣٨.
(٢) البيت من الكامل ، وهو لأبي العيال الهذلي ، وفي الأغاني ٢٣ / ٤٤٠ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٦٥٢.