وقيل : هي واو الحال وعلى هذا فيقدّر المبتدأ اسم إشارة ، أي : هؤلاء سبعة ، ليكون في الكلام ما يعمل في الحال ؛ ويردّ ذلك أن حذف عامل الحال إذا كان معنويّا ممتنع ، ولهذا ردّوا على المبرّد قوله في بيت الفرزدق [من البسيط] :
٤٤٠ ـ فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم |
|
إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر (١) |
إن «مثلهم» حال ناصبها خبر محذوف ، أي : وإذ ما في الوجود بشر مماثلا لهم.
الثانية : آيةالزمر ، إذ قيل (فُتِحَتْ) في آيةالنار لأن أبوابها سبعة ، (وَفُتِحَتْ) [الزمر : ٧٣] في آيةالجنّة إذ أبوابها ثمانية ، وأقول : لو كان لواو الثمانية حقيقة لم تكن الآية منها ؛ إذ ليس فيها ذكر عدد ألبتة ، وإنما فيها ذكر «الأبواب» ، هي جمع لا يدلّ على عدد خاص ، ثم الواو ليست داخلة عليه ، بل على جملة هو فيها ، وقد مرّ أن الواو في (وَفُتِحَتْ) مقحمة عند قوم وعاطفة عند آخرين ؛ وقيل : هي واو الحال أي : جاؤوها مفتّحة أبوابها كما صرّح بـ «مفتحة» حالا في (جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ) (٥٠) [ص : ٥٠] وهذا قول المبرّد والفارسي وجماعة ؛ قيل : وإنما فتحت لهم قبل مجيئهم إكراما لهم عن أن يقفوا حتى تفتح لهم.
الثالث : (وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ) [التوبة : ١١٢] فإنه الوصف الثامن ، والظاهر أن العطف في هذا الوصف بخصوصه إنما كان من جهة أنّ الأمر والنهي من حيث هما أمر ونهي متقابلان ، بخلاف بقيّة الصفات ، أو لأن الآمر بالمعروف ناه عن المنكر ، وهو ترك المعروف ، والناهي عن المنكر آمر بالمعروف ؛ فأشير إلى الاعتداد بكل منهما وأنه لا يكتفى فيه بما يحصل في ضمن الآخر ؛ وذهب أبو البقاء ، على إمامته ، في هذه الآية ، مذهب الضعفاء ، فقال : إنما دخلت الواو في الصّفة الثامنة إيذانا بأن السبعة عندهم عدد تام ؛ ولذلك قالوا : سبع في ثمانية ، أي سبع أذرع في ثمانية أشبار ، وإنما دخلت الواو على ذلك لأن وضعها على مغايرة ما بعدها لما قبلها.
الرابعة : (وَأَبْكاراً) [التحريم : ٥] في آيةالتحريم ، ذكرها القاضي الفاضل ، وتبجّح باستخراجها ، وقد سبقه إلى ذكرها الثّعلبي ، والصواب أن هذه الواو وقعت بين صفتين هما تقسيم لمن اشتمل على جميع الصفات السابقة ، فلا يصحّ إسقاطها ، إذ لا تجتمع
__________________
(١) البيت من البسيط ، وهو للفرزدق في ديوانه ١ / ١٨٥ والأشباه والنظائر ٢ / ٢٠٩ وخزانة الأدب ٤ / ١٣٣ ، والدرر ٢ / ١٠٣ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١ / ٢٨٠.