الثيوبة والبكارة ؛ وواو الثمانية عند القائل بها صالحة للسقوط ؛ وأما قول الثعلبي إن منها الواو في قوله تعالى : (سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً) [الحاقة : ٧] فسهو بيّن ، وإنما هذه واو العطف ، وهي واجبة الذكر ، ثم إن «وأبكارا» صفة تاسعة لا ثامنة ؛ إذ أول الصفات (خَيْراً مِنْكُنَ) [التحريم : ٥] لا «مسلمت» [التحريم : ٥] ، فإن أجاب بأن «مسلمت» وما بعده تفصيل لـ (خَيْراً مِنْكُنَّ) فلهذا لم تعدّ قسيمة لها ، قلنا : وكذلك (ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً) [التحريم : ٥] تفصيل للصفات السابقة فلا نعدّهما منهنّ.
والعاشر : الواو الداخلة على الجملة الموصوف بها لتأكيد لصوقها بموصوفها وإفادتها أن اتّصافه بها أمر ثابت ، وهذه الواو أثبتها الزمخشريّ ومن قلّده ، وحملوا على ذلك مواضع الواو فيها كلّها واو الحال نحو : (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) [البقرة : ٢١٦] الآية ، (سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) [الكهف : ٢٢] ، (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها) [البقرة : ٢٥٩] ، (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ) (٤) [الحجر : ٤] ؛ والمسوغ لمجيء الحال من النكرة في هذه الآية أمران : أحدهما خاصّ بها ، وهو تقدّم النفي ؛ والثاني عامّ في بقية الآيات وهو امتناع الوصفيّة ؛ إذ الحال متى امتنع كونها صفة جاز مجيئها من النّكرة ، ولهذا جاءت منها عند تقدمها عليها ، نحو : «في الدّار قائما رجل» وعند جمودها ، نحو : «هذا خاتم حديدا» ، و «مررت بماء قعدة رجل» ؛ ومانع الوصفية في هذه الآية أمران : أحدهما خاصّ بها ، وهو اقتران الجملة بـ «إلّا» ، إذ لا يجوز التفريغ في الصفات ، لا تقول : «ما مررت بأحد إلّا قائم» نصّ على ذلك أبو علي وغيره ؛ والثاني عامّ في بقيّة الآيات ، وهو اقترانها بالواو.
والحادي عشر : واو ضمير الذكور ، نحو : «الرّجال قاموا» ، وهي اسم ، وقال الأخفش والمازني : حرف ، والفاعل مستتر ، وقد تستعمل لغير العقلاء إذ نزّلوا منزلتهم ، نحو قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ) [النمل : ١٨] ، وذلك لتوجيه الخطاب إليهم ، وشذّ قوله [من الطويل] :
٤٤١ ـ شربت بها والدّيك يدعو صباحه |
|
إذا ما بنو نعش دانوا فتصوّبوا (١) |
والذي جرّأه على ذلك قوله : «بنو» لا «بنات» ؛ والذي سوّغ ذلك أن ما فيه من تغيير نغم الواحد شبّهه بجمع التكسير ، فسهّل مجيئه لغير العاقل ، ولهذا جاز تأنيث فعله،
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو للنابغة الجعدي في ديوانه ص ٤ ، وخزانة الأدب ٨ / ٧٨ وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٧٦ ، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص ٣٧٠.