وابن جنّي يرى أن هذا الحرف اسمه «لا» ، وأنه الحرف الذي يذكر قبل الياء عند عدّ الحروف ، وأنه لمّا لم يمكن أن يتلفّظ به في أول اسمه ، كما فعل في أخواته إذ قيل : صاد جيم ، توصل إليه باللّام كما توصّل إلى اللفظ بلام التّعريف بالألف حين قيل في الابتداء «الغلام» ليتقارضا ، وأن قول المعلّمين : «لام ألف» خطأ لأن كلّا من اللام والألف قد مضى ذكره ، وليس الغرض بيان كيفية تركيب الحروف ، بل سرد أسماء الحروف البسائط.
ثم اعترض على نفسه بقول أبي النجم [من الرجز] :
٤٥٣ ـ أقبلت من عند زياد كالخرف |
|
تخطّ رجلاي بخطّ مختلف (١) |
تكتّبان في الطّريق لام الف |
وأجاب بأنه لعلّه تلقّاه من أفواه العامة ، لأنّ الخط ليس له تعلّق بالفصاحة.
وقد ذكر للألف تسعة أوجه :
أحدها : أن تكون للإنكار ، نحو : «أعمراه» لمن قال : «رأيت عمرا».
والثاني : أن تكون للتذكّر كـ «رأيت الرّجلا».
وقد مضى أن التحقيق أن لا يعدّ هذان.
الثالث : أن تكون ضمير الاثنين ، نحو : «الزيدان قاما» ، وقال المازني : هي حرف ، والضّمير مستتر.
الرابع : أن تكون علامة الاثنين ، كقوله [من البسيط] :
٤٥٤ ـ ألفيتا عيناك عند القفا ، |
|
[أولى فأولى لك ذا واقيه](٢) |
وقوله [من الطويل] :
٤٥٥ ـ [تولّى قتال المارقين بنفسه] |
|
وقد أسلماه مبعد وحميم (٣) |
وعليه قول المتنبي [من الكامل] :
__________________
(١) البيت من بحر الرجز ، انظر : الخصائص ٣ / ٢٩٧ ، وسّر صناعة الإعراب ٢ / ٦٥١.
(٢) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في أساس البلاغة (تمر) ، ولسان العرب ١٠ / ٢٩٠ انظر مادة / تمر /.
(٣) البيت من الطويل ، وهو لعبيد الله بن قيس الرقيات في ديوانه ص ١٩٦ ، والدرر ٢ / ٢٨٢ ، وشرح التصريح ١ / ٢٧٧ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٨٤ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٢ / ١٠٦ ، والجنى الداني ص ١٧٥.