٤٧٤ ـ ألا أيّهذا الزّاجري أحضر الوغى |
|
[وأن أشهد اللّذّات هل أنت مخلدي](١) |
فيمن رفع «أحضر» ، واستضعف الزمخشري الجمع بين الحذفين.
فإن قلت : اجعلها حالا مقدّرة ، أي : وحفظا من كلّ شيطان مارد مقدّرا عدم سماعه ، أي : بعد الحفظ.
قلت : الذي يقدّر وجود معنى الحال هو صاحبها ، كالمرور به في قولك : «مررت برجل معه صقر صائدا به غدا» ، أي مقدرا حال المرور به أن يصيد به غدا ، والشياطين لا يقدّرون عدم السماع ولا يريدونه.
الثاني : (إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) [يس : ٧٦] بعد قوله تعالى : (فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ) [يس : ٧٦] فإنه ربما يتبادر إلى الذّهن أنه محكيّ بالقول ، وليس كذلك ، لأن ذلك ليس مقولا لهم.
الثالث : (إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) [يونس : ٦٥] ، بعد قوله تعالى : (فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ) [يونس : ٦٥] ، وهي كالتي قبلها ، وفي جمال القراء للسخاوي أن الوقف على قولهم في الآيتين واجب ، والصواب أنه ليس في جميع القرآن وقف واجب.
الرابع : (ثُمَّ يُعِيدُهُ) [العنكبوت : ١٩] بعد (أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ) [العنكبوت : ١٩] ، لأنّ إعادة الخلق لم تقع بعد فيقرّروا برؤيتها ، ويؤيّد الاستئناف فيه قوله تعالى على عقب ذلك : (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ) [العنكبوت : ٢٠].
الخامس : زعم أبو حاتم أنّ من ذلك (تُثِيرُ الْأَرْضَ) [البقرة : ٧١] ، فقال : الوقف على (ذَلُولٌ) جيد ، ثم يتبدىء (تُثِيرُ الْأَرْضَ) على الاستئناف ، وردّه أبو البقاء بأن (وَلا) إنما تعطف على النفي ، وبأنها لو أثارت الأرض كانت ذلولا. ويردّ اعتراضه الأول صحّة «مررت برجل يصلّي ولا يلتفت» ، والثاني أنّ أبا حاتم زعم أن ذلك من عجائب هذه البقرة ، وإنما وجه الردّ أن الخبر لم يأت بأنّ ذلك من عجائبها ، وبأنهم إنّما كلّفوا بأمر موجود ، لا بأمر خارق للعادة ، وبأنه كان يجب تكرار «لا» في «ذلول» إذ لا يقال : «مررت برجل لا شاعر» حتى تقول «ولا كاتب» لا يقال : قد تكررت بقوله تعالى : (وَلا
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو لطرفة بن العبد في ديوانه ص ٣٢ ، والإنصاف ٢ / ٥٦٠ ، وخزانة الأدب ١ / ١١٩ ، والدرر ١ / ٧٤ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٠٠ ، ولسان العرب ١٣ / ٣٢ مادة (أنن).