السادس عشر : بين حرف النفي ومنفيّه ، كقوله [من المنسرح] :
٤٩٨ ـ ولا أراها تزال ظالمة |
|
تحدث لي نكبة وتنكؤها (١) |
وقوله [من الطويل] :
٤٩٩ ـ فلا ، وأبي دهماء ، زالت عزيزة |
|
على قومها ما دام للزّند قادح (٢) |
السابع عشر : بين جملتين مستقلّتين ، نحو : (فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) [البقرة : ٢٢٢ ـ ٢٢٣] ، فإن (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) تفسير لقوله تعالى : (مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ،) أي : إنّ المأتيّ الذي أمركم الله به هو مكان الحرث ، ودلالة على أنّ الغرض الأصليّ في الإتيان طلب النّسل لا محض الشّهوة ، وقد تضمّنت هذه الآية الاعتراض بأكثر من جملة ؛ ومثلها في ذلك قوله تعالى : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ) [لقمان : ١٤] ، وقوله تعالى : (رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ) [آل عمران : ٣٦] فيمن قرأ بسكون تاء (وَضَعَتْ ،) إذ الجملتان المصدّرتان بـ «إني» من قولها عليهاالسلام ، وما بينهما اعتراض ، والمعنى : وليس الذكر الذي طلبته كالأنثى التي وهبت لها ، وقال الزمخشريّ : هنا جملتان معترضتان كقوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) (٧٦) [الواقعة : ٧٦] انتهى ، وفي التنظير نظر ، لأن الذي في الآية الثانية اعتراضان كل منهما بجملة : لا اعتراض واحد بجملتين.
وقد يعترض بأكثر من جملتين كقوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ وَاللهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللهِ نَصِيراً مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ) [النساء : ٤٤ ـ ٤٦] إن قدّر (مِنَ الَّذِينَ هادُوا) بيانا لـ «الذين أوتوا» ، وتخصيصا لهم ، إذا كان اللفظ عاما في اليهود والنّصارى ، والمراد اليهود أو بيانا لأعدائكم ، والمعترض به على هذا التقدير جملتان ، وعلى التقدير الأول ثلاث جمل ، وهي والله أعلم : وكفى بالله مرتين ، وأمّا «يشترون» و «يريدون» فجملتا تفسير لمقدّر ، إذ المعنى : ألم تر إلى قصّة الذين أوتوا ، وإن علقت «من» بـ «نصيرا» مثل : (وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ) [الأنبياء : ٧٧] ، أو بخبر محذوف على أن (يُحَرِّفُونَ) صفة لمبتدأ
__________________
(١) البيت من المنسرخ ، وهو لابن هرمة في ديوانه ص ٥٦ ، وخزانة الأدب ٩ / ٢٣٧ ، والدرر ٢ / ٤٧ ، وشرح شواهد المغني ص ٨٢٠ ـ ٨٢٦.
(٢) البيت من البحر الطويل ، وهو بلا نسبة في خزانة الأدب ، الشاهد / ٧٤٣ /.