فاعل (يَلْعَبُونَ ،) وهذا من التداخل أيضا ، أو من فاعل (اسْتَمَعُوهُ) ، فيكون من التعدّد لا من التداخل.
ومن مثل الحاليّة أيضا قوله عليه الصّلاة والسّلام : «أقرب ما يكون العبد من ربّه وهو ساجد» ، وهو من أقوى الأدلّة على أن انتصاب «قائما» في «ضربي زيدا قائما» على الحال ، لا على أنه خبر لـ «كان» محذوفة ، إذ لا يقترن الخبر بالواو ؛ وقولك : «ما تكلّم فلان إلّا قال خيرا» ، كما تقول : «ما تكلّم إلا قائلا خيرا» ، وهو استثناء مفرّغ من أحوال عامّة محذوفة ، وقول الفرزدق [من الطويل] :
٥٢٦ ـ بأيدي رجال لم يشيموا سيوفهم |
|
ولم تكثر القتلى بها حين سلّت (١) |
لأن تقدير العطف مفسد للمعنى ، وقول كعب رضياللهعنه [من البسيط] :
٥٢٧ ـ [شجّت بذي شبم من ماء محنية] |
|
ضاف بأبطح أضحى وهو مشمول (٢) |
و «أضحى» تامة.
الجملة الثالثة : الواقعة مفعولا ، ومحلّها النّصب إن لم تنب عن فاعل ، وهذه النيابة مختصّة بباب القول ، نحو : (ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) (١٧) [المطففين : ١٧] لما قدّمناه من أن الجملة التي يراد بها لفظها تنزل منزلة الأسماء المفردة.
قيل : وتقع أيضا في الجملة المقرونة بمعلّق ، نحو : «علم أقام زيد» ، وأجاز هؤلاء وقوع هذه فاعلا ، وحملوا عليه (وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ) [إبراهيم : ٤٥] ، (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا) [السجدة : ٢٦] ، (ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ) [يوسف : ٣٥] والصّواب خلاف ذلك ، وعلى قول هؤلاء فيزداد في الجمل التي لها محلّ الجملة الواقعة فاعلا.
فإن قلت : وينبغي زيادتها على ما قدّمت اختياره من جواز ذلك مع الفعل القلبيّ المعلّق بالاستفهام فقط ، نحو : «ظهر لي أقام زيد».
قلت : إنما أجزت ذلك على أن المسند إليه مضاف محذوف ، لا الجملة.
وتقع الجملة مفعولا في ثلاثة أبواب :
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو للفرزدق في ديوانه ص ٣١٩ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١٢٢ ، وشرح شواهد المغني ص ٧٧٨ ، ولسان العرب ١٢ / ٣٣٠ مادة / شيم /.
(٢) البيت من البسيط ، وهو لكعب بن زهير في ديوانه ص ٦١ ، ولسان العرب ١١ / ٣٦٧ مادة / شمل /.