فإنه أبدل «وقد نهلت» من قوله : «والخطّيّ يخطر بيننا» بدل اشتمال ، ا ه. وليس متعيّنا ، لجواز كونه من باب النسق ، على أن تقدر الواو للعطف ، ويجوز أن تقدر واو الحال ، وتكون الجملة حالا ، إما من فاعل «ذكرتك» على المذهب الصحيح في جواز ترادف الأحوال ، وإما من فاعل «يخطر» فتكون الحالان متداخلتين ، والرابط على هذا الواو ، وإعادة صاحب الحال بمعناه ، فإن «المثقفة السّمر» هي الرماح.
ومن غريب هذا الباب قولك : «قلت لهم قوموا أوّلكم وآخركم» ، زعم ابن مالك أن التقدير ، ليقم أولكم وآخركم ، وأنه من باب بدل الجملة من الجملة لا المفرد من المفرد ، كما قال في العطف في نحو : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) [البقرة : ٣٥] ، و (لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً) [طه : ٥٨] ، و (لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ) [البقرة : ٢٣٣].
تنبيه ـ هذا الذي ذكرته ـ من انحصار الجمل التي لها محل في سبع ـ جار على ما قرّروا ، والحقّ أنها تسع ، والذي أهملوه : الجملة المستثناة ، والجملة المسند إليها.
أما الأولى فنحو : (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢) إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣) فَيُعَذِّبُهُ اللهُ) [الغاشية : ٢٢ ـ ٢٤] قال ابن خروف : «من» مبتدأ ، و «يعذبه الله» الخبر ، والجملة في موضع نصب على الاستثناء المنقطع ؛ وقال الفراء في قراءة بعضهم (فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ) [البقرة : ٢٤٩] : إن (قليل) مبتدأ حذف خبره أي : لم يشربوا ؛ وقال جماعة في (إِلَّا امْرَأَتَكَ) [هود : ٨١] بالرفع : إنه مبتدأ والجملة بعده خبر ، وليس من ذلك نحو : «ما مررت بأحد إلا زيد خير منه» ، لأن الجملة هنا حال من «أحد» باتفاق ، أو صفة له عند الأخفش ، وكل منهما قد مضى ذكره ؛ وكذلك الجملة في (إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ) [الفرقان : ٢٠] فإنها حال ، وفي نحو : «ما علمت زيدا إلا يفعل الخير» فإنها مفعول ، وكلّ ذلك قد ذكر.
وأما الثانية فنحو : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ) [البقرة : ٦] الآية ، إذا أعرب «سواء» خبرا ، و «أنذرتهم» مبتدأ ، ونحو : «تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه» إذا لم تقدر الأصل : أن تسمع ، بل يقدر «تسمع» قائما مقام السماع ، كما أن الجملة بعد الظرف في نحو : (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ) [الكهف : ٤٧] ، وفي نحو : (أَأَنْذَرْتَهُمْ) [البقرة : ٦] في تأويل المصدر ، وإن لم يكن معها حرف سابك.
واختلف في الفاعل ونائبه : هل يكونان جملة أم لا ؛ فالمشهور المنع مطلقا ،