الْحَرامِ) عطف بيان على جهة المدح كما في الصفة ، لا على جهة التوضيح ؛ فعلى هذا لا يمتنع مثل ذلك في عطف البيان على قول الكسائي.
وأما البدل فيكون تابعا للمضمر بالاتّفاق ، نحو : (وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ) [مريم : ٨٠] ، (وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ) [الكهف : ٦٣] ، وإنما امتنع الزمخشري من تجويز كون (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) [المائدة : ١١٧] بدلا من الهاء في «به» توهّما منه أن ذلك يخلّ بعائد الموصول ، وقد مضى ردّه.
وأجاز النحويّون أن يكون البدل مضمرا تابعا لمضمر ، كـ «رأيته إياه» ، أو لظاهر ، كـ «رأيت زيدا إيّاه» ، وخالفهم ابن مالك فقال : إن الثاني لم يسمع ، وإن الصواب في الأول قول الكوفيّين إنه توكيد كما في «قمت أنت».
الثاني : أن البيان لا يخالف متبوعه في تعريفه وتنكيره ، وأما قول الزمخشري : إن (مَقامُ إِبْراهِيمَ) [آل عمران : ٩٧] عطف على (آياتٌ بَيِّناتٌ) [آل عمران : ٩٧] فسهو ؛ وكذا قال في (إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا) [سبأ : ٤٦] : إن (أَنْ تَقُومُوا) عطف على (وحدة) ، ولا يختلف في جواز ذلك في البدل ، نحو : (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِراطِ اللهِ) [الشورى : ٥٢ ـ ٥٣] ، ونحو : (بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ) [العلق : ١٥ ـ ١٦].
الثالث : أنه لا يكون جملة ، بخلاف البدل نحو : (ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ) (٤٣) [فصلت : ٤٣] ، ونحو : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) [الأنبياء : ٣] ، وهو أصحّ الأقوال في «عرفت زيدا أبو من هو» ، وقال [من الطويل] :
٥٨١ ـ لقد أذهلتني أمّ عمرو بكلمة |
|
أتصبر يوم البين أم لست تصبر؟ (١) |
الرابع : أنه لا يكون تابعا لجملة ، بخلاف البدل ، نحو : (اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (٢٠) اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً) [يس : ٢٠ ـ ٢١] ، ونحو : (أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ (١٣٢) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ) [الشعراء : ١٣٢ ـ ١٣٣] وقوله [من الطويل] :
٥٨٢ ـ أقول له ارحل لا تقيمنّ عندنا |
|
[وإلّا فكن في السّرّ والجهر مسلما](٢) |
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في شرح شواهد المغني ٢ / ٨٥٣.
(٢) البيت من البحر الطويل ، وهو بلا نسبة في خزانة الأدب ٥ / ٢٠٧ ، ومعاهد التنصيص ١ / ٢٧٨.