حياتنا الدنيا ، ثم وضع «هي» موضع الحياة لأنّ الخبر يدلّ عليها ويبيّنها ، قال : ومنه [من المتقارب] :
هي النّفس تحمل ما حمّلت
و «هي العرب تقول ما شاءت». قال ابن مالك : وهذا من جيّد كلامه ، ولكن في تمثيله بـ «هي النفس» و «هي العرب» ضعف ، لإمكان جعل «النفس» و «العرب» بدلين و «تحمل» و «تقول» خبرين ؛ وفي كلام ابن مالك أيضا ضعف ، لإمكان وجه ثالث في المثالين لم يذكره ، وهو كون «هي» ضمير القصّة. فإن أراد الزمخشريّ أن المثالين يمكن حملهما على ذلك لا أنه متعيّن فيهما ، فالضّعف في كلام ابن مالك وحده.
الرابع : ضمير الشأن والقصة ، نحو : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (١) [الإخلاص : ١] ، ونحو : (فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا) [الأنبياء : ٩٧] ، والكوفي يسمّيه ضمير المجهول.
وهذا الضمير مخالف للقياس من خمسة أوجه :
أحدها : عوده على ما بعده لزوما ؛ إذ لا يجوز للجملة المفسرة له أن تتقدّم هي ، ولا شيء منها عليه ، وقد غلط يوسف بن السيرافي إذ قال في قوله [من الطويل] :
٦٣٥ ـ أسكران كان ابن المراغة إذ هجا |
|
تميما بجوّ الشّام أم متساكر (١) |
فيمن رفع «سكران» ، و «ابن المراغة» : إن «كان» شأنيّة ، و «ابن المراغة سكران» : مبتدأ وخبر ، والجملة خبر «كان» ؛ والصّواب أن «كان» زائدة ، والأشهر في إنشاده نصب «سكران» ورفع «ابن المراغة» ؛ فارتفاع «متساكر» على أنه خبر لـ «هو» محذوفا ، ويروى بالعكس ؛ فاسم «كان» مستتر فيها.
والثاني : أنّ مفسّره لا يكون إلا جملة ، ولا يشاركه في هذا ضمير ، وأجاز الكوفيّون والأخفش تفسيره بمفرد له مرفوع ، نحو : «كان قائما زيد» ، و «ظننته قائما عمرو» ، وهذا إن سمع خرج على أن المرفوع مبتدأ ، واسم «كان» وضمير «ظننته» راجعان إليه ، لأنه في نية التقديم ؛ ويجوز كون المرفوع بعد «كان» اسما لها ؛ وأجاز الكوفيون : «إنه قام» و «إنه
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو للفرزدق في ديوانه ص ٤٨١ ، وخزانة الأدب ٩ / ٢٨٨ ، والكتاب ١ / ٤٩ ، ولسان العرب ٤ / ٣٧٣ مادة / سكر /.