ولا تدخل «ربّ» على المعارف ؛ وفي التحفة أن ابن مالك ردّ على ابن الحاجب في قوله : «ولا تفيد إلا تخفيفا» ، فقال : بل تفيد أيضا التّخصيص ، فإن «ضارب زيد» أخصّ من «ضارب» ، وهذا سهو ؛ فإن «ضارب زيد» أصله «ضارب زيدا» بالنصب ، وليس أصله ضاربا فقط ؛ فالتخصيص حاصل بالمعمول قبل أن تأتي الإضافة.
فإن لم يكن الوصف بمعنى الحال والاستقبال ، فإضافته محضة تفيد التعريف والتخصيص ؛ لأنها ليست في تقدير الانفصال.
وعلى هذا صحّ وصف اسم الله تعالى بـ «مالك يوم الدين». قال الزمخشري : أريد باسم الفاعل هنا : إما الماضي ، كقولك : «هو مالك عبيده أمس» ، أي : مالك الأمور يوم الدين ، على حد (وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ) [الأعراف : ٤٤] ، ولهذا قرأ أبو حنيفة ملك يوم الدين [الفاتحة : ٤] ، وإما الزمان المستمرّ كقولك : «هو مالك العبيد» ، فإنه بمنزلة قولك مولى العبيد ، ا ه. ملخّصا.
وهو حسن ، إلا أنه نقض هذا المعنى الثاني عند ما تكلّم على قوله تعالى : (وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) [الأنعام : ٩٦] ، فقال : قرىء بجرّ الشمس والقمر عطفا على الليل ، وبنصبهما بإضمار جعل ، أو عطفا على محل الليل ، لأن اسم الفاعل هنا ليس في معنى المضيّ فتكون إضافته حقيقية ، بل هو دال على جعل مستمرّ في الأزمنة المختلفة ؛ ومثله (فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) [الأنعام : ٩٥] و (فالِقُ الْإِصْباحِ) [الأنعام : ٩٦] كما تقول «زيد قادر عالم» ولا تقصد زمانا دون زمان ، ا ه.
وحاصله أن إضافة الوصف إنّما تكون حقيقة إذا كان بمعنى الماضي ، وأنه إذا كان لإفادة حدث مستمر في الأزمنة كانت إضافته غير حقيقيّة ، وكان عاملا ، وليس الأمر كذلك.
الرّابع : إزالة القبح أو التجوّز ، كـ «مررت بالرّجل الحسن الوجه» فإن الوجه إن رفع قبح الكلام ، لخلو الصّفة لفظا عن ضمير الموصوف وإن نصب حصل التجوّز بإجرائك الوصف القاصر مجرى المتعدّي.
الخامس : تذكير المؤنث كقوله [من البسيط] :
٦٥٥ ـ إنارة العقل مكسوف بطوع هوى |
|
وعقل عاصي الهوى يزداد تنويرا (١) |
__________________
(١) البيت من البسيط ، وهو لبعض المولدين ، في المقاصد النحوية ٣ / ٣٩٦ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٥ / ٢٦٣ ، وخزانة الأدب ٤ / ٢٢٧ ، وأوضح المسالك ٣ / ١٠٥.