كقولك : «تداينت مالا» لا مفعول مطلق ؛ لأنها لم تضف لمصدر ؛ والثانية واجبة الرفع بالابتداء مثلها في (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى) [الكهف : ١٢] ، (وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً) [طه : ٧١].
التاسع : وجوب التصدير ، ولهذا وجب تقديم المبتدأ في نحو : «غلام من عندك» ، والخبر في نحو : «صبيحة أيّ يوم سفرك» ، والمفعول في نحو : «غلام أيّهم أكرمت» ، ومن ومجرورها في نحو : «من غلام أيّهم أنت أفضل» ؛ ووجب الرفع في نحو : «علمت أبو من زيد» ، وإلى هذا يشير قول بعض الفضلاء [من الطويل] :
٦٦٣ ـ عليك بأرباب الصّدور ، فمن غدا |
|
مضافا لأرباب الصّدور تصدّرا |
٦٦٤ ـ وإيّاك أن ترضى صحابة ناقص |
|
فتنحطّ قدرا من علاك وتحقرا |
٦٦٥ ـ فرفع أبو من ثم خفض مزمّل |
|
يبيّن قولي مغريا ومحذّرا (١) |
والإشارة بقوله : «ثم خفض مزمّل» إلى قول امرىء القيس [من الطويل] :
٦٦٦ ـ كأنّ أبانا في عرانين وبله |
|
كبير أناس في بجاد مزمّل (٢) |
وذلك أن «مزمّل» صفة لـ «كبير» ، فكان حقه الرفع ، ولكنه خفض لمجاورته المخفوض.
والعاشر : الإعراب ، نحو : «هذه خمسة عشر زيد» فيمن أعربه ، والأكثر البناء.
والحادي عشر : البناء ، وذلك في ثلاثة أبواب :
أحدها : أن يكون المضاف مبهما كـ «غير» و «مثل» و «دون» ، وقد استدلّ على ذلك بأمور : منها قوله تعالى : (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ) [سبأ : ٥٤] ، (وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ) [الجن : ١١] قاله الأخفش ، وخولف ، وأجيب عن الأول بأن نائب الفاعل ضمير المصدر ، أي : وحيل هو ، أي : الحول ، كما في قوله [من الطويل] :
٦٦٧ ـ وقالت : متى يبخل عليك ويعتلل |
|
يسؤك ، وإن يكشف غرامك تدرب (٣) |
أي : ويعتلل هو ، أي : الاعتلال ، ولا بدّ عندي من تقدير «عليك» مدلولا عليها
__________________
(١) الأبيات من البحر الطويل ، انظر : نفح الطيب ٥ / ١٩٠.
(٢) الأبيات من البحر الطويل ، وهو لامرىء القيس في ديوانه ص ٢٥ ، وخزانة الأدب ٥ / ٩٨ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ١٠.
(٣) البيت من الطويل ، وهو لامرىء القيس في ديوانه ص ٤٢ ، وشرح شواهد المغني ص ٩٢ ، لعلقمة في ديوانه ص ٨٣ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٢ / ١٤٢.