وشرط هذه المسألة والتي قبلها صلاحيّة المضاف للاستغناء عنه ؛ فلا يجوز «أمة زيد جاء» ، ولا «غلام هند ذهبت» ، ومن ثمّ ردّ ابن مالك في التوضيح قول أبي الفتح في توجيهه قراءة أبي العالية : (لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها) [الأنعام : ١٥٨] بتأنيث الفعل : إنه من باب «قطعت بعض أصابعه» ، لأن المضاف لو سقط هنا لقيل : «نفسا لا تنفع» بتقديم المفعول ليرجع إليه الضمير المستتر المرفوع الذي ناب عن الإيمان في الفاعليّة ، ويلزم من ذلك تعدّي فعل المتّصل إلى ظاهره نحو قولك : «زيد ظلم» ، تريد أنه ظلم نفسه ، وذلك لا يجوز.
السابع : الظرفيّة ، نحو : (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ) [إبراهيم : ٢٥] ، وقوله [من الرجز] :
أنا أبو المنهال بعض الأحيان (١)
وقال المتنبّي [من الخفيف] :
٦٦١ ـ أيّ يوم سررتني بوصال |
|
لم تسؤني ثلاثة بصدود (٢) |
و «أيّ» في البيت استفهاميّة يراد بها النفي ، لا شرطيّة ؛ لأنه لو قيل مكان ذلك : «إن سررتني» انعكس المعنى ، لا يقال : يدلّ على أنها شرطيّة أنّ الجملة المنفيّة إن استؤنفت ولم تربط بالأولى فسد المعنى ؛ لأنا نقول : الرّبط حاصل بتقديرها صفة لـ «وصال» ، والرابط محذوف ، أي : لم ترعني بعده ، ثم حذفا دفعة أو على التدريج ؛ أو حالا من تاء المخاطب ، والرابط فاعلها ، وهي حال مقدّرة ، أو معطوفة بفاء محذوفة فلا موضع لها ، أي : ما سررتني غير مقدّر أنك تروعني ، ومن روى ثلاثة بالرّفع فالحالية ممتنعة ، لعدم الرابط.
الثامن : المصدريّة ، نحو : (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [الشعراء : ٢٢٧] ، فـ «أي» : مفعول مطلق ناصبه «ينقلبون» ؛ و «يعلم» : معلقة عن العمل بالاستفهام ؛ وقال [من الطويل] :
٦٦٢ ـ ستعلم ليلى أيّ دين تداينت |
|
وأيّ غريم للتّقاضي غريمها (٣) |
«أيّ» الأولى واجبة النصب بما بعدها كما في الآية ، إلا أنها هنا مفعول به ،
__________________
(١) تقدم تخريجه.
(٢) البيت من البحر الخفيف ، انظر : خزانة الأدب للحموي ١ / ١٩٧.
(٣) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في شرح شواهد المغني ٢ / ٨٣٤.