وقال آخر [من الطويل] :
٦٧٥ ـ ألم تعلمي ـ يا عمرك الله ـ أنّني |
|
كريم على حين الكرام قليل |
٦٧٦ ـ وإنّي لا أخزى إذا قيل : مملق |
|
سخيّ ، وأخزى أن يقال : بخيل (١) |
رويا بالفتح.
ويحكى أن ابن الأخضر سئل بحضرة ابن الأبرش عن وجه النصب في قول النابغة [من الطويل] :
٦٧٧ ـ أتاني ـ أبيت اللّعن ـ أنّك لمتني |
|
وتلك الّتي تستكّ منها المسامع |
٦٧٨ ـ مقالة أن قد قلت : سوف أناله ، |
|
وذلك من تلقاء مثلك رائع (٢) |
فقال [من الطويل] :
٦٧٩ ـ [إذا كنت في قوم فصاحب خيارهم |
|
ولا تصحب الأردى فتردى مع الرّدي (٣) |
فقيل له : الجواب ، فقال ابن الأبرش : قد أجاب ، يريد أنه لما أضيف إلى المبنيّ اكتسب منه البناء ؛ فهو مفتوح لا منصوب ، ومحلّه الرفع بدلا من «أنك لمتني» ، وقد روي بالرفع. وهذا الجواب عندي غير جيّد ، لعدم إبهام المضاف ، ولو صحّ لصحّ البناء في نحو : «غلامك ، وفرسه» ونحو هذا مما لا قائل به ؛ وقد مضى أن ابن مالك منع البناء في «مثل» مع إبهامها لكونها تثنّى وتجمع ، فما ظنّك بهذا؟ وإنما هو منصوب على إسقاط الباء ، أو بإضمار «أعني» أو على المصدريّة. وفي البيت إشكال لو سأل السائل عنه لكان أولى ، وهو إضافة «مقالة» إلى «أن قد قلت» فإنه في التقدير : مقالة قولك ، ولا يضاف الشيء إلى نفسه ؛ وجوابه أن الأصل : «مقالة» فحذف التنوين للضرورة لا للإضافة ، و «أن» وصلتها بدل من مقالة ، أو من «أنك لمتني» ، أو خبر لمحذوف ، وقد يكون الشاعر إنما قاله : «مقالة أن» بإثبات التنوين ونقل حركة الهمزة ، فأنشده الناس بتحقيقها ، فاضطرّوا إلى حذف التنوين ؛ ويروى «ملامة» وهو مصدر لـ «لمتني» المذكورة ، أو لأخرى محذوفة.
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو لمبشر بن هذيل ، في ديوان المعني ١ / ٨٩ ، ولموبال بن جهم المذحجي في شرح المغني ٢ / ٨٨٤ ، وبلا نسبة في الدرر ٣ / ١٤٧ ، وشرح الأشموني ٢ / ٣١٥.
(٢) البيتان من الطويل ، وهما للنابغة الذبياني في ديوانه ص ٣٤ ، ولسان العرب ١٠ / ٤٤٠ مادة / سكك /.
(٣) البيت من البحر الطويل ، وهو لعدي بن زيد ، انظر : نفح الطيب ٥ / ١٩١.