منجّما والكتابان جملة واحدة جيء بـ «نزّل» في الأول و «أنزل» في الثاني ، وإنما قال هو في خطبة الكشاف «الحمد لله الذي أنزل القرآن كلاما مؤلفا منظما ، ونزّله بحسب المصالح منجّما» لأنه أراد بالأول أنزله من اللوح المحفوظ إلى السماء الدّنيا وهو الإنزال المذكور في (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (١) [القدر : ١] ، وفي قوله تعالى : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) [البقرة : ١٨٥]. وأما قول القفال : إن المعنى الذي أنزل في وجوب صومه ، أو الذي أنزل في شأنه ، فتكلّف لا داعي إليه ، وبالثاني تنزيله من السماء الدنيا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم نجوما في ثلاث وعشرين سنة.
ويشكل على الزمخشري قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً) [الفرقان : ٣٢] ، فقرن نزل بجملة واحدة ، وقوله تعالى : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها) [النساء : ١٤٠] ، وذلك إشارة إلى قوله تعالى : (وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا) [الأنعام : ٦٨] الآية ، وهي آيةواحدة.
والنقل بالتّضعيف سماعيّ في القاصر كما مثّلنا ، وفي المتعدي لواحد ، نحو : «علّمته الحساب» ، و «فهّمته المسألة» ، ولم يسمع في المتعدّي لاثنين. وزعم الحريري أنه يجوز في «علم» المتعدّية لاثنين أن ينقل بالتضعيف إلى ثلاثة ، ولا يشهد له سماع ولا قياس ، وظاهر قول سيبويه أنه سماعيّ مطلقا ؛ وقيل : قياسي في القاصر والمتعدّي إلى واحد.
السادس : التضمين ؛ فلذلك عدّي «رحب» و «طلع» إلى مفعول لمّا تضمّنا معنى «وسع» و «بلغ» ، وقالوا : «فرقت زيدا» ، و (سَفِهَ نَفْسَهُ) [البقرة : ١٣٠] لتضمّنهما معنى «خاف» و «امتهن» أو «أهلك».
ويختص التضمين عن غيره من المعدّيات بأنه قد ينقل الفعل إلى أكثر من درجة ، ولذلك عدّي «ألوت» بقصر الهمزة بمعنى «قصرت» إلى مفعولين بعد ما كان قاصرا ، وذلك في قولهم : «لا آلوك نصحا» ، و «لا آلوك جهدا» لما ضمّن معنى : لا أمنعك ؛ ومنه قوله تعالى : (لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً) [آل عمران : ١١٨]. وعدّي «أخبر» ، و «خبّر» ، و «حدّث» ، و «نبّأ» إلى ثلاثة لما ضمّنت معنى «أعلم» و «أرى» بعد ما كانت متعدّية إلى واحد بنفسها وإلى آخر بالجارّ ، نحو : (أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) [البقرة : ٣٣] ، (نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ) [الأنعام : ١٤٣].
السابع : إسقاط الجارّ توسّعا ، نحو : (وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا) [البقرة : ٢٣٥] ، أي :