مجرورا بدلا من «مائة» ، والثاني مردود ، فإنه إذا أقيم مقام «مائة» فسد المعنى.
الحادي والعشرون : قول المبرد في (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) [الأنبياء : ٢٢] : إن اسم الله تعالى بدل من «آلهة» ، ويردّه أن البدل في باب الاستثناء مستثنى موجب له الحكم ، أما الأول فلأن الاستثناء إخراج ، و «ما قام أحد إلا زيد» مفيد لإخراج «زيد» ؛ وأمّا الثاني فلأنه كلّما صدق «ما قام أحد إلا زيد» صدق «قام زيد» ، واسم الله تعالى هنا ليس بمستثنى ولا موجب له الحكم ؛ أمّا الأول فلأن الجمع المنكّر لا عموم له فيستثنى منه ، ولأن المعنى حينئذ لو كان فيهما آلهة مستثنى منهم الله لفسدتا ، وذلك يقتضي أنه لو كان فيهما آلهة فيهم الله لم يفسدا ، وإنما المراد أن الفساد يترتّب على تقدير التعدّد مطلقا ؛ وأمّا أنه ليس بموجب له الحكم فلأنه لو قيل : لو كان فيهما الله لفسدتا لم يستقم. وهذا البحث يأتي في مثال سيبويه «لو كان معنا رجل إلا زيد لغلبنا» لأن «رجلا» ليس بعامّ فيستثنى منه ، ولأنه لو قيل : لو كان معنا جماعة مستثنى منهم زيد لغلبنا اقتضى أنه لو كان معهم جماعة فيهم زيد لم يغلبوا ، وهذا وإن كان معنى صحيحا إلّا أن المراد إنما هو أن زيدا وحده كاف.
فإن قيل : لا نسلّم أن الجمع في الآية والمفرد في المثال غير عامّين ، لأنهما واقعان في سياق «لو» ، وهي للامتناع ، والامتناع انتفاء.
قلت : لو صحّ ذلك لصحّ أن يقال : لو كان فيهما من أحد ، ولو جاءني ديّار ، ولو جاءني فأكرمه بالنّصب لكان كذا وكذا ، واللازم ممتنع.
الثاني والعشرون : قول أبي الحسن الأخفش في «كلمته فاه إلى فيّ» إن انتصاب «فاه» على إسقاط الخافض ، أي : من فيه ؛ وردّه المبرد فقال : إنما يتكلّم الإنسان من في نفسه لا من في غيره ؛ وقد يكون أبو الحسن إنما قال ذلك في «كلّمني فاه إلى فيّ» ، أو قاله في ذلك وحمله على القلب لفهم المعنى ؛ فلا يرد عليه سؤال أبي العباس ، فلنعدل إلى مثال غير هذا.
حكي عن اليزيدي أنه قال في قول العرجيّ [من الكامل] :
٧٠٢ ـ أظلوم إنّ مصابكم رجلا |
|
ردّ السّلام تحيّة ظلم (١) |
__________________
(١) البيت من البحر الكامل ، وهو للحارث بن خالد المخزومي في ديوانه ص ٩١ ، والاشتقاق ص ٩٩ ، والأغاني ٩ / ٢٢٥ ، وخزانة الأدب ١ / ٤٥٤ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٦ / ٢٢٦ ، وأوضح المسالك ٣ / ٢١٠.