الإشكال ، لأنه ليس فيه ذكر الوجوب على الناس ؛ والمشهور في (مَنْ) في الآية أنها بدل من «الناس» بدل بعض ؛ وجوّز الكسائي كونها مبتدأ ؛ فإن كانت موصولة فخبرها محذوف ، أو شرطيّة فالمحذوف جوابها ، والتقدير عليهما : من استطاع فليحج ؛ وعليهن فالعموم مخصّص إما بالبدل أو بالجملة.
السابع عشر : قول الزمخشري في قوله تعالى : (يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي) [المائدة : ٣١] إن انتصاب (فَأُوارِيَ) في جواب الاستفهام ، ووجه فساده أن جواب الشيء مسبّب عنه ، والمواراة لا تتسبب عن العجز وإنما انتصابه بالعطف على (أَكُونَ) ، ومن هنا امتنع نصب (تصبح) في قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً) [الحج : ٦٣] ، لأن إصباح الأرض مخضرة لا يتسبّب عن رؤية إنزال المطر ، بل عن الإنزال نفسه ، وقيل : إنما لم ينصب لأن (أَلَمْ تَرَ) في معنى : قد رأيت ، أي : أنه استفهام تقريريّ مثل (أَلَمْ نَشْرَحْ) [الانشراح : ١] ؛ وقيل : النصب جائز كما في قوله تعالى : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ) [الحج : ٤٦] ، ولكن قصد هنا إلى العطف على (أنزل) على تأويل «تصبح» بـ «أصبحت» ، والصواب القول الأول ، وليس (أَلَمْ تَرَ) مثل (أَفَلَمْ يَسِيرُوا) لما بينّاه.
الثامن عشر : قول بعضهم في (فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ قُرْباناً آلِهَةً) [الأحقاف : ٢٨] ، إن الأصل : اتخذوهم قربانا ، وإن الضمير و «قربانا» مفعولان ، و «آلهة» بدل من «قربانا» ؛ وقال الزمخشري : إن ذلك فاسد في المعنى ، وإن الصواب أنّ «آلهة» هو المفعول الثّاني ، وأن «قربانا» حال ؛ ولم يبّين وجه فساد المعنى ؛ ووجهه أنهم إذا ذمّوا على اتّخاذهم قربانا من دون الله اقتضى مفهومه الحثّ على أن يتّخذوا الله سبحانه قربانا ، كما أنك إذا قلت «أتّتّخذ فلانا معلّما دوني؟» كنت آمرا له أن يتخذك معلّما له دونه ، والله تعالى يتقرّب إليه بغيره ، ولا يتقرّب به إلى غيره ، سبحانه.
التاسع عشر : قول المبرّد في قوله تعالى : (أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) [النساء : ٩٠] إن جملة (حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) جملة دعائية ؛ وردّه الفارسيّ بأنه لا يدعى عليهم بأن تحصر صدورهم عن قتال قومهم ، ولك أن تجيب بأن المراد الدّعاء عليهم بأن يسلبوا أهليّة القتال حتى لا يستطيعوا أن يقاتلوا أحدا ألبتة.
المتمم العشرين : قول أبي الحسن في قوله تعالى : (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ) [الكهف : ٢٥] فيمن نوّن «مائة» إنه يجوز كون «سنين» منصوبا بدلا من «ثلاث» ، أو