فعطف على الحال ، لا حال ؛ وقيل : المنفية حال ، و (قَيِّماً) بدل منها ، عكس «عرفت زيدا أبو من هو».
الرابع عشر : قول بعضهم في (أَحْوى) [الأعلى : ٤ ـ ٥] إنه صفة لـ «غثاء» ، وهذا ليس بصحيح على الإطلاق ، بل إذا فسّر «الأحوى» بالأسود من الجفاف واليبس ، وأما إذا فسر بالأسود من شدّة الخضرة لكثرة الريّ كما فسّر (مُدْهامَّتانِ) (٦٤) [الرحمن : ٦٢ ـ ٦٤] فجعله صفة لـ «غثاء» كجعل «قيما» صفة لـ «عوجا» ، وإنما الواجب أن تكون حالا من «المرعى» وأخّر لتناسب الفواصل.
الخامس عشر : قول بعضهم في قوله تعالى : (فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ) [الأنعام : ٩٩] ، فيمن رفع (جَنَّاتٍ) إنه عطف على «قنوان» ؛ وهذا يقتضي أن جنات الأعناب تخرج من طلع النخل ، وإنما هو مبتدأ بتقدير : وهاك جنّات ، أو ولهم جنّات ؛ ونظيره قراءة من قرأ (وَحُورٌ عِينٌ) (٢٢) [الواقعة : ٢٢] بالرفع بعد قوله تعالى : (يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ) (٤٥) [الصافات : ٤٥] أي : ولهم حور ؛ وأما قراءة السبعة (وَجَنَّاتٍ) بالنصب فبالعطف على (نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ) وهو من باب (وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ) [البقرة : ٩٨].
السادس عشر : قول ابن السيّد في قوله تعالى : (مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) [آل عمران : ٩٧] ، إن (مَنْ) فاعل بالمصدر ، ويردّه أن المعنى حينئذ : ولله على الناس أن يحجّ المستطيع ؛ فيلزم تأثيم جميع الناس إذا تخلف مستطيع عن الحج ، وفيه مع فساد المعنى ضعف من جهة الصناعة ، لأن الإتيان بالفاعل بعد إضافة المصدر إلى المفعول شاذ ، حتّى قيل : إنه ضرورة كقوله [من البسيط] :
٧٠١ ـ أفنى تلادي وما جمّعت من نشب |
|
قرع القواقيز أفواه الأباريق (١) |
فيمن رواه برفع «أفواه» ، والحق جواز ذلك في النثر ، إلّا أنه قليل ، ودليل الجواز هذا البيت ، فإنه روي بالرفع مع التمكّن من النصب وهي الرواية الأخرى ، وذلك على أن «القواقيز» الفاعل ، و «الأفواه» مفعول ؛ وصحّ الوجهان لأن كلّا منهما قارع ومقروع ، ومن مجيئه في النثر الحديث : «وحجّ البيت من استطاع إليه سبيلا» ، ولا يتأتى فيه ذلك
__________________
(١) البيت من البسيط ، وهو للأقيشر الأسدي في ديوانه ص ٦٠ ، والأغاني ١١ / ٢٥٩ ، وخزانة الأدب ٤ / ٤٩١ ، الدرر ٥ / ٢٥٦ ، وشرح التصريح ٢ / ٦٤ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٩١ ، ولسان العرب ٥ / ٣٩٦ مادة / ققز /.