الإيجاب لا يتوّقف على كون (عَلَيْهِ) إغراء ، بل كلمة على تقتضي ذلك مطلقا.
وأما قول بعضهم في (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) [الأنعام : ١٥١] : إن الوقف قبل (عَلَيْكُمْ) وإن (عَلَيْكُمْ) إغراء فحسن ، وبه يتخلّص من إشكال ظاهر في الآية محوج للتأويل.
الثالث : قول بعضهم في (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ) [الأحزاب : ٣٣] إن (أَهْلَ) منصوب على الاختصاص ؛ وهذا ضعيف ، لوقوعه بعد ضمير الخطاب مثل «بك الله نرجو الفضل» ، وإنما الأكثر أن يقع بعد ضمير التكلّم كالحديث «نحن معاشر الأنبياء لا نورث» والصواب أنه منادى.
الرابع : قول الزمخشريّ في (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) [البقرة : ٢٢] إنه يجوز كون (تَجْعَلُوا) منصوبا في جواب الترجي أعني (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة : ٢١ ، ١٨٣] على حد النصب في قراءة حفص (فَأَطَّلِعَ) [غافر : ٣٧] ، وهذا لا يجيزه بصريّ ؛ ويتأوّلون قراءة حفص : إما على أنه جواب للأمر وهو (ابْنِ لِي صَرْحاً) [غافر : ٣٦] ، أو على العطف على الأسباب ، على حد قوله [من الوافر] :
٧١٢ ـ ولبس عباءة وتقرّ عيني |
|
[أحبّ إليّ من لبس الشّفوف](١) |
أو على معنى ما يقع موقع أبلغ ، وهو : أن أبلغ ، على حد قوله :
ولا سابق شيئا»
ثم إن ثبت قول الفرّاء إن جواب الترجّي منصوب كجواب التمني فهو قليل ، فكيف تخرج عليه القراءة المجمع عليها.
وهذا كتخريجه قوله تعالى : (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ) [النمل : ٦٥] على أن الاستثناء منقطع ، وأنه جاء على البدل الواقع في اللغة التميميّة ، وقد مضى البحث فيها.
ونظير هذا على العكس قول الكرماني في (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ) [البقرة : ١٣٠] إن «من» نصب على الاستثناء و «نفسه» توكيد ، فحمل قراءة السبعة على النصب في مثل «ما قام أحد إلا زيدا» ، كما حمل الزمخشري قراءتهم على البدل في مثل «ما فيها أحد إلا حمار» ، وإنما تأتي قراءة الجماعة على أفصح الوجهين. ألا ترى
__________________
(١) تقدم تخريجه.