إلى إجماعهم على الرّفع في (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ) [النور : ٦] وأن أكثرهم قرأ به في (ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ) [النساء : ٦٦] ، وأنه لم يقرأ أحد بالبدل في (وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى (١٩) إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى) [الليل : ١٩ ـ ٢٠] لأنه منقطع؟ وقد قيل : إن بعضهم قرأ به في (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِ) [النساء : ١٥٧] وإجماع الجماعة على خلافه.
ونظير حمل الكرماني «النفس» على التوكيد في موضع لم يحسن فيه ذلك قول بعضهم في قوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَ) [البقرة : ٢٢٨] إن الباء زائدة ، و «أنفسهن» توكيد للنون ؛ وإنما لغة الأكثرين في توكيد الضمير المرفوع المتّصل بالنفس أو العين أن يكون بعد التوكيد بالمنفصل : نحو : «قمتم أنتم أنفسكم».
الخامس : قول بعضهم في (لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ) [الزخرف : ١٣] : إن اللام للأمر ، والفعل مجزوم ، والصواب أنها لام العلّة والفعل منصوب ؛ لضعف أمر المخاطب باللام كقوله [من الخفيف] :
٧١٣ ـ لتقم أنت يا ابن خير قريش |
|
فلتقضي حوائج المسلمينا (١) |
السادس : قول التبريزي في قراءة يحيى بن يعمر (تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) [الأنعام:١٥٤] بالرفع : إن أصله : أحسنوا ، فحذفت الواو اجتزاء عنها بالضمة ، كما قال [من الوافر] :
٧١٤ ـ إذا ما شاء ضرّوا من أرادوا |
|
ولا يألوهم أحد ضرارا (٢) |
واجتماع حذف الواو وإطلاق «الذي» على الجماعة ، كقوله [من الطويل] :
٧١٥ ـ وإنّ الّذي حانت بفلج دماؤهم |
|
[هم القوم كلّ القوم يا أمّ خالد](٣) |
ليس بالسّهل ، والأولى قول الجماعة : إنه بتقدير مبتدأ ، أي : هو أحسن ، وقد جاءت منه مواضع ، حتى إن أهل الكوفة يقيسونه ، والاتفاق على أنه قياس مع «أيّ» ، كقوله [من المتقارب] :
٧١٦ ـ [إذا ما لقيت بني مالك] |
|
فسلّم على أيّهم أفضل (٤) |
__________________
(١) البيت من الخفيف ، وهو بلا نسبة في الإنصاف ٢ / ٥٢٥ ، وتذكرة النحاة ص ٦٦٦ ، وخزانة الأدب ٩ / ١٤.
(٢) البيت من الوافر ، وهو بلا نسبة من الإنصاف ١ / ٣٨٦ ، وخزانة الأدب ٥ / ٢٣١ ، الدرر ١ / ١٨٠.
(٣) البيت من الطويل ، وهو للأشهب بن رميلة ، في خزانة الأدب ٦ / ٧ ، ولسان العرب ٢ / ٣٤٩ مادة / فلج / والمقاصد النحوية ١ / ٤٨٢.
(٤) البيت من المتقارب ، وهو لغسان بن وعلة في الدرر ١ / ٢٧٢ ، وشرح التصريح ١ / ١٣٥ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١ / ١٥٠ ، وتخليص الشواهد ص ١٥٨ ، وشرح الأشموني ١ / ٧٧.