أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا) [طه : ١٣١] : إن «زهرة» حال من الهاء في «به» ، أو من «ما» ، وإن التنوين حذف للساكنين مثل قوله [من المتقارب] :
٧١٩ ـ [فألفيته غير مستعتب] |
|
ولا ذاكر الله إلّا قليلا (١) |
وإن جرّ «الحياة» على أنه بدل من «ما» ، والصّواب أن (زَهْرَةَ) مفعول بتقدير : جعلنا لهم أو آتيناهم ؛ ودليل ذلك ذكر التمتيع ؛ أو بتقدير «أذمّ» ، لأن المقام يقتضيه ؛ أو بتقدير «أعني» بيانا لـ «ما» أو للضمير ، أو بدل من «أزواج» ، إما بتقدير «ذوي زهرة» ، أو على أنهم جعلوا نفس الزهرة مجازا للمبالغة ؛ وقال الفرّاء : هو تمييز لـ «ما» أو للهاء ، وهذا على مذهب الكوفيين في تعريف التمييز ؛ وقيل : بدل من «ما» ، وردّ بأن (لِنَفْتِنَهُمْ) [طه : ١٣١] من صلة (مَتَّعْنا) فيلزم الفصل بين أبعاض الصلة بأجنبي ، وبأن الموصول لا يتبع قبل كمال صلته ، وبأنه لا يقال : «مررت بزيد أخاك» على البدل ، لأن العامل في المبدل منه لا يتوجّه إليه بنفسه ؛ وقيل : من الهاء ، وفيه ما ذكر ، وزيادة الإبدال من العائد ، وبعضهم يمنعه بناء على أن المبدل منه في نيّة الطّرح فيبقى الموصول بلا عائد في التقدير ؛ وقد مرّ أنّ الزمخشري منع في (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) [المائدة : ١١٧] أن يكون بدلا من الهاء في (أَمَرْتَنِي بِهِ) ورددناه عليه ؛ ولو لزم إعطاء منويّ الطّرح حكم المطروح لزم إعطاء منويّ التأخير حكم المؤخّر ، فكان يمتنع «ضرب زيدا غلامه» ، ويردّ ذلك قوله تعالى : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ) [البقرة : ١٢٤] والإجماع على جوازه.
تنبيه ـ وقد يكون الموضع لا يتخرّج إلّا على وجه مرجوح ، فلا حرج على مخرجه ، كقراءة ابن عامر وعاصم (وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) [الأنبياء : ٨٨] فقيل : الفعل ماض مبني للمفعول ، وفيه ضعف من جهات : إسكان آخر الماضي ، وإنابة ضمير المصدر مع أنه مفهوم من الفعل ، وإنابة غير المفعول به مع وجوده ؛ وقيل : مضارع أصله : «ننجي» بسكون ثانية ، وفيه ضعف ، لأن النون عند الجميع تخفى ولا تدغم ؛ وقد زعم قول أنها أدغمت فيها قليلا وأن منه «أترجّ» و «إجّاصة» و «إجّانة» ؛ وقيل : مضارع وأصله : «ننجّي» بفتح ثانية وتشديد ثالثة ، ثم حذفت النون الثانية ؛ ويضعفه أنه لا يجوز في مضارع «نبّأت» و «نقّبت» و «نزّلت» ونحوهنّ إذا ابتدأت بالنون أن تحذف النون الثانية إلا في ندور كقراءة بعضهم : (وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً) [الفرقان : ٢٥].
__________________
(١) البيت من المتقارب ، وهو لأبي الأسود الدؤلي في ديوانه ص ٥٤ ، والأغاني ١٢ / ٣١٥ ، والأشباه والنظائر ٦ / ٢٠٦ ، وخزانة الأدب ١١ / ٣٧٤ ، والدرر ٦ / ٢٨٩ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٩٣٣.