ومن الوهم في الأول قول الزمخشري في (مَلِكِ النَّاسِ (٢) إِلهِ النَّاسِ) [الناس : ٢ ـ ٣] إنهما عطفا بيان ، والصّواب أنهما نعتان ، وقد يجاب بأنهما أجريا مجرى الجوامد ؛ إذ يستعملان غير جاريين على موصوف وتجري عليهما الصفات ، نحو قولنا : «إله واحد» ، و «ملك عظيم».
ومن الخطأ في الثاني قول كثير من النحويّين في نحو : «مررت بهذا الرّجل» : إن «الرجل» نعت ، قال ابن مالك : أكثر المتأخّرين يقلّد بعضهم بعضا في ذلك ، والحامل لهم عليه توهّمهم أن عطف البيان لا يكون إلا أخصّ من متبوعه ، وليس كذلك ؛ فإنه في الجوامد بمنزلة النعت في المشتقّ ، ولا يمتنع كون المنعوت أخصّ من النعت ؛ وقد هدي ابن السيّد إلى الحق في المسألة ، فجعل ذلك عطفا لا نعتا ، وكذا ابن جني ، ا ه.
قلت : وكذا الزجّاج والسّهيلي ، قال السهيلي : وأمّا تسمية سيبويه له نعتا فتسامح ، كما سمّي التوكيد وعطف البيان صفة.
وزعم ابن عصفور أن النحويين أجازوا في ذلك الصفة والبيان ، ثم استشكله بأن البيان أعرف من المبين وهو جامد ، والنعت دون المنعوت أو مساو له وهو مشتق أو في تأويله ، فكيف يجتمع في الشيء أن يكون بيانا ونعتا؟ وأجاب بأنه إذا قدّر نعتا فاللام فيه للعهد والاسم مؤوّل بقولك : الحاضر أو المشار إليه ؛ وإذا قدّر بيانا فاللام لتعريف الحضور ؛ فيساوي الإشارة بذلك ويزيد بإفادته الجنس المعين فكان أخص ؛ قال : وهذا معنى قول سيبويه ا ه.
وفيما قاله نظر ؛ لأن الذي يؤوّله النحويون بالحاضر والمشار إليه إنما هو اسم الإشارة نفسه إذا وقع نعتا ، كـ «مررت بزيد هذا» ، فأما نعت اسم الإشارة فليس ذلك معناه ، وإنما هو معنى ما قبله ، فكيف يجعل معنى ما قبله تفسيرا له؟
وقال الزمخشريّ في (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ) [الأنعام : ١٠٢] : يجوز كون اسم الله تعالى صفة للإشارة أو بيانا ، و «ربّكم» الخبر ، فجوّز في الشيء الواحد البيان والصفة ، وجوّز كون العلم نعتا ، وإنما العلم ينعت ولا ينعت به ، وجوّز نعت الإشارة بما ليس معرفا بلام الجنس ، وذلك مما أجمعوا على بطلانه.
النوع الثاني : اشتراطهم التعريف لعطف البيان ولنعت المعرفة ، والتنكير للحال ، والتمييز ؛ وأفعل «من» ، ونعت النكرة.
ومن الوهم في الأوّل قول جماعة في صديد من (ماءٍ صَدِيدٍ) [إبراهيم : ١٦] ، وفي