فمن الأول مجرور «لولا» ومجرور «وحد» ، ولا يختصّان بضمير خطاب ولا غيره ، تقول : «لولاي» ، و «لولاك» ، و «لولاه» و «وحدي» ، و «وحدك» ، و «وحده» ، ومجرور «لبّي» ، و «سعدي» ، و «جناني» ، ويشترط لهنّ ضمير الخطاب ، وشذ نحو قوله [من الطويل] :
٧٤١ ـ [دعوني] فيا لبّيّ إذ هدرت لهم |
|
[شقاشق أقوام فأسكتها هدري](١) |
وقول آخر [من الرجز] :
٧٤٢ ـ إنّك لو دعوتني ودوني |
|
[زوراء ذات مترع بيون (٢) |
لقلت لبّيه لمن يدعوني] |
كما شذت إضافتها إلى الظاهر في قوله [من المتقارب] :
٧٤٣ ـ [دعوت لما نابني مسورا] |
|
فلبّى فلبّي يدي مسور (٣) |
ومن ذلك مرفوع خبر «كاد» وأخواتها إلّا «عسى» ؛ فتقول : «كاد زيد يموت» ، ولا تقول : يموت أبوه ؛ ويجوز «عسى زيد أن يقوم أبوه» فيرفع السببيّ ، ولا يجوز رفعه الأجنبيّ ، نحو : «عسى زيد أن يقوم عمرو عنده».
ومن ذلك مرفوع اسم التفضيل في غير مسألة الكحل ، وهذا شرطه مع الإضمار الاستتار ، وكذا مرفوع نحو : «قم» ، و «أقوم» ، و «نقوم» ، و «تقوم».
ومن الثاني تأكيد الاسم المظهر ، والنعت ، والمنعوت ، وعطف البيان ، والمبين.
ومن الوهم في الأول قول بعضهم في «لولاي وموسى» : إن «موسى» يحتمل الجرّ ، وهذا خطأ ؛ لأنه لا يعطف على الضمير المجرور إلّا بإعادة الجار ، ولأن «لولا» لا تجرّ الظاهر ؛ فلو أعيدت لم تعمل الجرّ ، فكيف ولم تعد؟ هذه مسألة يحاجى بها فيقال : ضمير مجرور لا يصحّ أن يعطف عليه اسم مجرور أعدت الجارّ أم لم تعده ، وقولي «مجرور» لأنه يصحّ أن تعطف عليه اسما مرفوعا ؛ لأن «لولا» محكوم لها بحكم الحروف الزائدة ، والزائد لا يقدح في كون الاسم مجرّدا من العوامل اللفظيّة ؛ فكذا ما أشبه الزائد ؛ وقول جماعة في قول هدبة [من الوافر] :
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في شرح شواهد المغني ٢ / ٩٠٩.
(٢) البيت من البحر المتقارب ، وهو لرجل من بني أسد في الدرر ٣ / ٦٨ ، وخزانة الأدب ٢ / ٩٢.
(٣) البيت من المتقارب ، وهو لرجل من بني أسد في الدرر ٣ / ٦٨ ، وشرح التصريح ٢ / ٣٨ ، وشرح شواهد المغني ، ولسان العرب ١٥ / ٢٣٩ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٣ / ١٢٣ ، وخزانة الأدب ٢ / ٩٢.