ومن الوهم في الثاني تجويز كثير من النحويين الاشتغال في نحو : «خرجت فإذا زيد يضربه عمرو». ومن العجب أن ابن الحاجب أجاز ذلك في كافيته مع قوله فيها في بحث الظروف : وقد تكون للمفاجأة فيلزم المبتدأ بعدها. وأجاز ابن أبي الربيع في «ليتما زيدا أضربه» أن يكون انتصاب «زيدا» على الاشتغال كالنصب في «إنما زيدا أضربه» ، والصواب أن انتصابه بـ «ليت» ؛ لأنه لم يسمع نحو : «ليتما قام زيد» كما سمع «إنما قام زيد».
تنبيه ـ اعترض الرازي على الزمخشري في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) [الزمر : ٦٣] : إن الجملة معطوفة على (وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا) [الزمر : ٦١] بأن الاسمية لا تعطف على الفعليّة ؛ وقد مرّ أن تخالف الجملتين في الاسميّة والفعليّة لا يمنع التّعاطف ؛ وقال بعض المتأخّرين في تجويز أبي البقاء في قوله تعالى : (مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ) [البقرة : ٢٥٣] إنه يجوز كون الجملة الاسميّة بدلا من (فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) [البقرة : ٢٥٣] : هذا مردود ، لأن الاسمية لا تبدل من الفعلّية ، ا ه. ولم يقم دليل على امتناع ذلك.
النوع الثامن : اشتراطهم في بعض الجمل الخبريّة ، وفي بعضها الإنشائيّة.
فالأول كثير كالصّلة ، والصّفة ، والحال ، والجملة الواقعة خبرا لـ «كان» ، أو خبرا لـ «إنّ» أو لضمير الشأن ، قيل : أو خبرا للمبتدأ ، أو جوابا للقسم غير الاستعطافي.
ومن الثاني جواب القسم الاستعطافي كقوله [من الوافر] :
٧٥٣ ـ بربّك هل ضممت إليك ليلى |
|
[قبيل الصّبح أو قبّلت فاها؟](١) |
وقوله [من الطويل] :
٧٥٤ ـ بعيشك يا سلمى ارحمي ذا صبابة |
|
[أبى غير ما يرضيك في السّرّ والجهر](٢) |
وما ورد على خلاف ما ذكر مؤوّل ، فمن الأول قوله [من الطويل] :
٧٥٥ ـ وإنّي لرام نظرة قبل الّتي |
|
لعلّي ـ وإن شطّت نواها ـ أزورها (٣) |
__________________
(١) البيت من الوافر ، وهو للمجنون في ديوانه ص ٢٢٢ ، والأغاني ٢ / ٣٢ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٤٧ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٩١٣ ، وبلا نسبة في شرح المفصل ٩ / ١٠٢.
(٢) البيت من البحر الطويل ، وهو بلا نسبة في الدرر ٤ / ٢٢١ ، وهمع الهوامع ٢ / ٤١.
(٣) البيت من الطويل ، وهو للفرزدق في ديوانه ٢ / ١٠٦ ، وخزانة الأدب ٥ / ٤٦٤ ، والدرر ١ / ٢٧٧ ، وبلا نسبة في شرح شواهد المغني ٢ / ٨١٠.