في اسم الزّمان ظرفا كان أو غيره ، ثم هذا الجواب لا يتأتّى في قوله [من الطويل] :
٧٥٠ ـ وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة |
|
بمغن فتيلا عن سواد بن قارب (١) |
ومن الوهم أيضا قول بعضهم في قوله تعالى : (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ) [البقرة : ١٩٦] بعد ما جزم بأنّ (من) شرطيّة : إنه يجوز كون الجملة الاسمية معطوفة على (كان) وما بعدها ، ويردّه أنّ جملة الشرط لا تكون اسميّة ، فكذا المعطوف عليها ، على أنه لو قدّر «من» موصولة لم يصحّ قوله أيضا ، لأن الفاء لا تدخل في الخبر إذا كانت الصلة جملة اسميّة ؛ لعدم شبهه حينئذ باسم الشّرط ، وقول ابن طاهر في قوله [من الوافر] :
٧٥١ ـ فإن لا مال أعطيه فإنّي |
|
صديق من غدوّ أو رواح (٢) |
وقول آخرين في قول الشاعر [من الطويل] :
٧٥٢ ـ ونبّئت ليلى أرسلت بشفاعة |
|
إليّ ، فهلّا نفس ليلى شفيعها (٣) |
إن ما بعد «إن» : «لا» ، و «هلّا» جملة اسميّة نابت عن الجملة الفعلية ، والصواب أن التقدير في الأولى : فإن أكن ، وفي الثانية فهلّا كان ، أي : الأمر والشأن ، والجملة الاسمية فيهما خبر.
ومن ذلك قول جماعة منهم الزمخشري في (وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ) [البقرة : ١٠٣] : إن الجملة الاسمية جواب «لو» ، والأولى أن تقدر الجواب محذوفا ، أي : لكان خيرا لهم ، أو أن يقدر «لو» بمنزلة «ليت» في إفادة التمنّي ؛ فلا يحتاج إلى جواب.
ومن ذلك قول جماعة منهم ابن مالك في قوله تعالى : (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) [لقمان : ٣٢] : إن الجملة جواب لـ «ما» ؛ والظاهر أن الجواب جملة فعليّة محذوفة ، أي : انقسموا قسمين فمنهم مقتصد ومنهم غير ذلك ، ويؤيّد هذا أن جواب «لمّا» لا يقترن بالفاء.
__________________
(١) تقدم تخريجه.
(٢) البيت من الوافر ، وهو بلا نسبة في شرح شواهد المغني ٢ / ١٩٢ ، ومغني اللبيب ٢ / ٥٨٣.
(٣) البيت من الطويل ، وهو للمجنون في ديوانه ص ٥٤ ، أو لإبراهيم الصولي في ديوانه ص ١٨٥ ، ولابن الدمينة في ملحق ديوانه ص ٢٠٦ ، وللمجنون أو للصمة القشيري في الدرر ٥ / ١٠٦ ، وبلا نسبة في الأغاني ١١ / ٣١٤ ، وأوضح المسالك ٣ / ١٢٩.