القصد ، فأما إذا تؤوّل بالجامع لأكمل الخصال فلا مانع من نعته حينئذ ، لإمكان أن ينوى في النّعت ما نوي في المنعوت ، وعلى هذا يحمل البيت ، ا ه.
وقال الزمخشريّ وأبو البقاء في (وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ) [مريم : ٧٤] : إن الجملة بعد «كم» صفة لها ، والصواب أنها صفة لـ «قرن» ، وجمع الضمير حملا على معناه ، كما جمع وصف «جميع» في نحو : (وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) (٣٢) [يس : ٣٢].
النوع العاشر : تخصيصهم جواز وصف بعض الأسماء بمكان دون آخر ، كالعامل من وصف ومصدر ، فإنه لا يوصف قبل العمل ويوصف بعده ، وكالموصول فإنه لا يوصف قبل تمام صلته ويوصف بعد تمامها ، وتعميمهم الجواز في البعض ، وذلك هو الغالب.
ومن الوهم في الأول قول بعضهم في قول الحطيئة [من البسيط] :
٧٦٥ ـ أزمعت يأسا مبينا من نوالكم |
|
ولن ترى طاردا للحرّ كالياس (١) |
إن «من» متعلّقة بـ «يأسا» ، والصواب أن تعلّقها بـ «يئست» محذوفا ، لأن المصدر لا يوصف قبل أن يأتي معموله.
وقال أبو البقاء في (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً) [المائدة : ٢] : لا يكون «يبتغون» نعتا لـ «آمين» ، لأن اسم الفاعل إذا وصف لم يعمل في الاختيار ، بل هو حال من «آمّين» ، ا ه. وهذا قول ضعيف ، والصحيح جواز الوصف بعد العمل.
النوع الحادي عشر : إجازتهم في بعض أخبار النّواسخ أن يتّصل بالناسخ ، نحو : «كان قائما زيد» ، ومنع ذلك في البعض ، نحو : «إنّ زيدا قائم».
ومن الوهم في هذا قول المبرّد في قولهم : «إنّ من أفضلهم كان زيدا» إنه لا يجب أن يحمل على زيادة «كان» كما قال سيبويه ، بل يجوز أن تقدّر «كان» ناقصة واسمها ضمير «زيد» ، لأنه متقدّم رتبة ، إذ هو اسم «إنّ» ، و «من أفضلهم» : خبر «كان» ، و «كان» ومعمولاها خبر «إنّ» ، فلزمه تقديم خبر «إنّ» على اسمها مع أنه ليس ظرفا ولا مجروار ، وهذا لا يجيزه أحد.
__________________
(١) البيت من البسيط ، وهو للحطيئة في ديوانه ص ١٠٧ ، والأغاني ٢ / ١٥٤ ، وحاشية يس ٢ / ٦٣ ، والدرر ٥ / ٢٥١ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٩١٦ ، ولسان العرب ٦ / ٢٣٠ مادة / نس /.