تعالى : (وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا) (٦٦) [مريم : ٦٦] فإن «إذا» ظرف لـ «أخرج» ، وإنما جاز تقديم الظرف على لام القسم لتوسّعهم في الظرف ، ومنه قوله [من الطويل] :
٧٧٠ ـ رضيعي لبان ثدي أمّ تحالفا |
|
بأسحم داج عوض لا نتفرّق (١) |
أي : لا نتفرّق أبدا ، و «لا» النافية لها الصّدر في جواب القسم ، وقيل : العامل محذوف ، أي : أئذا ما متّ أبعث لسوف أخرج.
النوع الثالث عشر : منعهم من حذف بعض الكلمات ، وإيجابهم حذف بعضها ؛ فمن الأول الفاعل ، ونائبه ، والجار الباقي عمله ، إلا في مواضع ، نحو قولهم : «الله لأفعلنّ» ، و «بكم درهم اشتريت» ، أي : والله ، وبكم من درهم.
ومن الثاني أحد معمولي «لات».
ومن الوهم في الأول قول ابن مالك في أفعال الاستثناء ، نحو : «قاموا ليس زيدا» ، و «لا يكون زيدا» ، و «ما خلا زيدا» : إن مرفوعهنّ محذوف وهو كلمة «بعض» مضافة إلى ضمير من تقدم ، والصواب أنه مضمر عائد إما على البعض المفهوم من الجمع السابق كما عاد الضمير من قوله تعالى : (فَإِنْ كُنَّ نِساءً) [النساء : ١١] على «البنات» المفهومة من «الأولاد» في (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ) [النساء : ١١] ، وإما على اسم الفاعل المفهوم من الفعل ، أي : لا يكون هو ـ أي القائم ـ زيدا ، كما جاء «لا يزني الزّاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» ، وإما على المصدر المفهوم من الفعل ، وذلك في غير «ليس» و «لا يكون» ، تقول : «قاموا خلا زيدا» ، أي : جانب هو ـ أي قيامهم ـ زيدا.
ومن ذلك قول كثير من المعربين والمفسّرين في فواتح السور : إنه يجوز كونها في موضع جر بإسقاط حرف القسم.
وهذا مردود بأن ذلك مختصّ عند البصريّين باسم الله سبحانه وتعالى ، وبأنه لا أجوبة للقسم في سورةالبقرة وآل عمران ويونس وهود ونحوهنّ ، ولا يصحّ أن يقال : قدّر (ذلِكَ الْكِتابُ) [البقرة : ٢] في البقرة ، و (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) [آل عمران : ٢] في آل
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو للأعشى في ديوانه ص ٢٧٥ ، وأدب الكاتب ص ٤٠٧ ، وجمهرة اللغة ص ٩٠٥ ، وخزانة الأدب ٧ / ١٣٨ ، والدرر ٣ / ١٣٣ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٣٠٣.