ووقوعه على «أنّ» وصلتها نادر ، حتى زعم الحريريّ أنّ قول الخواص «هب أنّ زيدا قائم» لحن ، وذهل عن قول القائل : «هب أنّ أبانا كان حمارا» ونحوه.
السادس : قولهم في (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) [البقرة : ٦] إن (لا يُؤْمِنُونَ) مستأنف أو خبر لـ «إنّ» ، وما بينهما اعتراض ، والأولى الأول ؛ بدليل (وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (١٠) [يس : ١٠].
السابع : قولهم في نحو : (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ) [فصلت : ٤٦] ، (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ) [البقرة : ٧٤ ، ٨٥ ، ١٤٠ ....] : إن المجرور في موضع نصب أو رفع على الحجازيّة والتميميّة ، والصواب الأول ؛ لأن الخبر بعد «ما» لم يجىء في التنزيل مجرّدا من الباء إلا وهو منصوب ، نحو : (ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ) [المجادلة : ٢] ، (ما هذا بَشَراً) [يوسف : ٣١].
الثامن : قول بعضهم في (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ) [الزخرف : ٨٧] : إن اسم الله سبحانه وتعالى مبتدأ أو فاعل ، أي : الله خلقهم أو خلقهم الله ؛ والصّواب الحمل على الثاني ، بدليل (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) [الزخرف : ٩].
التاسع : قول أبي البقاء في (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى) [التوبة : ١٠٩] إن الظرف حال ، أي : على قصد تقوى ، أو مفعول «أسّس» ، وهذا الوجه هو المعتمد عليه عندي ، لتعيّنه في (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى) [التوبة : ١٠٨].
تنبيه ـ وقد يحتمل الموضع أكثر من وجه ، ويوجد ما يرجّح كلّا منها ؛ فينظر في أولاها ، كقوله تعالى : (فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً) [طه : ٥٨ ـ ٥٩] فإنّ «الموعد» محتمل للمصدر ، ويشهد له (لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ) [طه : ٥٨] ، وللزمان يشهد له (قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ) [طه : ٥٩] ، وللمكان ويشهد له (مَكاناً سُوىً) [طه : ٥٨] ، وإذا أعرب (مَكاناً) بدلا منه لا ظرفا لتخلفه تعيّن ذلك.
الجهة الثامنة : أن يحمل المعرب على شيء ، وفي ذلك الموضع ما يدفعه. وهذا أصعب من الذي قبله ، وله أمثلة :
أحدها : قول بعضهم في (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) [طه : ٦٣] : إنها «إنّ» واسمها ، أي : إن