(رَيْبَ) ويبتدىء (فِيهِ هُدىً) ويدل على خلاف ذلك قوله تعالى في سورةالسجدة (الم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) [السجدة : ١ ـ ٢].
الرابع : قول بعضهم (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (٤٣) [الشورى : ٤٣] : إن الرابط الإشارة ، وإن الصابر والغافر جعلا من عزم الأمور مبالغة ، والصواب أنّ الإشارة للصّبر والغفران ، بدليل (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [آل عمران : ١٨٦] ولم يقل : إنكم.
الخامس : قولهم في (أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) [القصص : ٦٢] : إن التقدير تزعمونهم شركاء ، والأولى أن يقدر : تزعمون أنّهم شركاء ، بدليل (وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ) [الأنعام : ٩٤] ولأن الغالب على «زعم» أن لا يقع على المفعولين صريحا ، بل على «أنّ» وصلتها ، ولم يقع في التنزيل إلا كذلك.
ومثله في هذا الحكم «تعلم» كقوله [من الطويل] :
٧٧٦ ـ تعلّم رسول الله أنّك مدركي |
|
[وأنّ وعيدا منك كالأخذ باليد](١) |
ومن القليل فيهما قوله [من الخفيف] :
٧٧٧ ـ زعمتني شيخا ولست بشيخ |
|
[إنّما الشّيخ من يدبّ دبيبا](٢) |
وقوله [من الطويل] :
٧٧٨ ـ تعلّم شفاء النّفس قهر عدوّها |
|
[فبالغ بلطف في التّحيّل والمكر](٣) |
وعكسهما في ذلك «هب» بمعنى «ظنّ» ؛ فالغالب تعدّيه إلى صريح المفعولين ، كقوله [من المتقارب] :
٧٧٩ ـ فقلت : أجرني أبا خالد ، |
|
وإلّا فهبني أمرأ هالكا (٤) |
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو ملفق من بيتين لأسيد بن أبي إياس الهذلي في شرح أشعار الهذليين ٢ / ٦٢٧ ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ١ / ١٥٨ ، وشرح شذور الذهب ص ٤٦٨.
(٢) البيت من الخفيف ، وهو لأبي أمية أوس الحنفي في الدرر ١ / ٢١٤ ، وشرح شواهد المغني ص ٩٢٢ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٢ / ٣٨ ، وتخليص الشواهد ص ٤٢٨.
(٣) البيت من الطويلوهو لزياد بن سيار وهو تصحيف زبان بن سيار في خزانة الأدب ٩ / ١٢٩ ، والدرر ٢ / ٢٤٦ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٩٢٣ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٢ / ٣١ ، وشرح الأشموني ١ / ١٥٨.
(٤) البيت من المتقارب ، وهو لعبد الله بن همام السلولي في تخليص الشواهد ص ٤٤٢ ، ـ وخزانة الأدب ٩ / ٣٦ ، والدرر ٢ / ٢٤٣ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٩٢٣ ، ولسان العرب ١ / ٨٠٤ مادة / وهب / وبلا نسبة في أوضح المسالك ٢ / ٣٧ ، وشرح الأشموني ١ / ٢٤٨.