فنادر ، وهذا الحكم خفي على أكثر النّحويّين ؛ والصواب في مثل قولك : «أعجبني يوم ولدت فيه» تنوين «اليوم» ، وجعل الجملة بعده صفة له ، وكذلك «أجمع» وما يتصرف منه في باب التوكيد ، يجب تجريده من ضمير المؤكد ، وأما قولهم : «جاء القوم بأجمعهم» فهو بضمّ الميم لا بفتحها ، وهو جمع لقولك : «جمع» ، على حد قولهم : «فلس» و «أفلس» ، والمعنى : جاؤوا بجماعتهم ، ولو كان توكيدا لكانت الباء زائدة مثلها في قوله [من الكامل] :
٧٧٥ ـ هذا لعمركم الصّغار بعينه |
|
[لا أمّ لي إن كان ذاك ولا أب](١) |
فكان يصح إسقاطها.
النوع السادس عشر : اشتراطهم لبناء بعض الأسماء أن تقطع عن الإضافة كـ «قبل» و «بعد» و «غير» ، ولبناء بعضها أن تكون مضافة ، وذلك «أيّ» الموصولة ، فإنها لا تبنى إلا إذا أضيفت وكان صدر صلتها ضميرا محذوفا ، نحو ؛ (أَيُّهُمْ أَشَدُّ) [مريم : ٦٩].
ومن الوهم في ذلك قول ابن الطراوة «هم أشد» مبتدأ وخبر ، و «أيّ» مبنية مقطوعة عن الإضافة ، وهذا مخالف لرسم المصحف ولإجماع النحويين.
الجهة السابعة : أن يحمل كلاما على شيء ، ويشهد استعمال آخر في نظير ذلك الموضع بخلافه ، وله أمثلة :
أحدها : قول الزمخشري في (وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ) [الأنعام : ٩٥] إنه عطف على (فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) [الأنعام : ٩٥] ولم يجعله معطوفا على (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) [الأنعام : ٩٥] ؛ لأن عطف الاسم على الاسم أولى ، ولكن مجيء قوله تعالى : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ) [يونس : ٣١ ، الروم : ١٩] بالفعل فيهما يدلّ على خلاف ذلك.
الثاني : قول مكي وغيره في قوله تعالى : (ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً) [البقرة : ٢٦] إن جملة (يُضِلُ) صفة لـ «مثلا» أو مستأنفة ؛ والصواب الثاني ، لقوله تعالى في سورةالمدثر (ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ) [المدثر : ٣١].
الثالث : قول بعضهم في (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ) [البقرة : ٢] : إن الوقف هنا على
__________________
(١) البيت من الكامل ، وهو من أكثر الشواهد النحوية المختلف عليها ، فهو لرجل من مذحج في الكتاب ٢ / ٢٩٢ ، وهو لضمرة بن جابر في خزانة الأدب ٢ / ٣٨ ، وهو لهني بن أحمر أو لزرافة الباهلي في لسان العرب ٦ / ٦١ مادة / حيس / ، وبلا نسبة أوضح المسالك ٢ / ١٦ ، ورصف المباني ص ٢٦٧.