اللهُ) [الغاشية : ٢٢ ـ ٢٤] واختار أبو شامة ما اخترته من أن الاستثناء منقطع ، ولكنه قال : وجاء النصب على اللغة الحجازيّة والرفع على التميميّة ، وهذا يدل على أنه جعل الاستثناء من جملة النهي ، وما قدمته أولى ؛ لضعف اللغة التميميّة ، ولما قدمت من سقوط جملة النهي في قراءة ابن مسعود حكاها أبو عبيدة وغيره.
* * *
الجهة التاسعة : أن لا يتأمّل عند وجود المشتبهات ، ولذلك أمثلة :
أحدها : نحو : «زيد أحصى ذهنا» ، و «عمر أحصى مالا» فإن الأوّل على أن «أحصى» اسم تفضيل ، والمنصوب تمييز ، مثل : «أحسن وجها» والثاني على «أن» «أحصى» فعل ماض ، والمنصوب مفعول مثل (وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) [الجن : ٢٨].
ومن الوهم قول بعضهم في (أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً) [الكهف : ١٢] : إنه من الأول ، فإنّ «الأمد» ليس محصيا بل محصى ، وشرط التمييز المنصوب بعد «أفعل» كونه فاعلا في المعنى كـ «زيد أكثر مالا» بخلاف «مال زيد أكثر مال».
الثاني : نحو «زيد كاتب شاعر» ، فإن الثاني خبر أو صفة للخبر ، ونحو : «زيد رجل صالح» فإن الثاني صفة لا غير ، لأن الأول لا يكون خبرا على انفراده لعدم العائد ، ومثلهما «زيد عالم يفعل الخير وزيد رجل يفعل
الخير» ، وزعم الفارسي أن الخبر لا يتعدّد مختلفا بالإفراد والجملة ؛ فيعيّن عنده كون الجملة الفعليّة صفة فيهما ، والمشهور فيهما الجواز ؛ كما أن ذلك جائز في الصفات ، وعليه قول بعضهم في (فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ) [النمل : ٤٥] : إن «يختصمون» خبر ثان أو صفة ، ويحتمل الحالية أيضا ، أي : فإذا هم مفترقون مختصمين ؛ وأوجب الفارسيّ في (كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) [البقرة : ٦٥ ؛ والأعراف : ١٦٦] كون «خاسئين» خبرا ثانيا ؛ لأن جمع المذكر السالم لا يكون صفة لما لا يعقل.
الثالث : «رأيت زيدا فقيها ، ورأيت الهلال طالعا» فإن «رأى» في الأول علمية ، و «فقيها» مفعول ثان ، وفي الثاني بصرية ، و «طالعا» حال ؛ وتقول : «تركت زيدا عالما» فإن فسّرت «تركت» بـ «صيّرت» فـ «عالما» مفعول ثان ، أو بـ «خلّفت» فحال ؛ وإذا حمل قوله تعالى : (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ) [البقرة : ١٧] على الأول فالظرف و «لا يبصرون» مفعول ثان ، وتكرّر كما يتكرّر الخبر ، أو الظرف مفعول ثان والجملة بعده حال ، أو بالعكس ، وإن حمل على الثاني فحالان.