السابع والثامن : أن لا يؤدّي حذفه إلى تهيئة العامل للعمل وقطعه عنه ، ولا إلى إعمال العامل الضعيف مع إمكان إعمال العامل القويّ ؛ وللأمر الأوّل منع البصريّون حذف المفعول الثاني من نحو : «ضربني وضربته زيد» لئلا يتسلّط على «زيد» ثم يقطع عنه برفعه بالفعل الأول ، ولاجتماع الأمرين امتنع عند البصريّين أيضا حذف المفعول في نحو : «زيد ضربته» لأن في حذفه تسليط «ضرب» على العمل في «زيد» مع قطعه عنه ، وإعمال الابتداء مع التمكّن من إعمال الفعل ؛ ثمّ حملوا على ذلك «زيد ما ضربته ، أو هل ضربته» ، فمنعوا الحذف وإن لم يؤدّ إلى ذلك ؛ وكذلك منعوا رفع رأسها في «أكلت السمكة حتّى رأسها» إلا أن يذكر الخبر ، فتقول : مأكول ؛ ولاجتماعهما مع الإلباس منع الجميع تقديم الخبر في نحو : «زيد قام» ؛ ولانتفاء الأمرين جاز عند البصريّين وهشام تقديم معمول الخبر على المبتدأ في نحو : «زيد ضرب عمرا» وإن لم يجز تقديم الخبر ، فأجازوا «زيدا أجله أحرز» ، وقال البصريّون في قوله [من الطويل] :
٧٩٢ ـ [قنافذ هدّاجون حول بيوتهم] |
|
بما كان إيّاهم عطيّة عوّدا (١) |
إن «عطية» مبتدأ ، و «إياهم» مفعول «عوّد» ، والجملة خبر «كان» ، واسمها ضمير الشأن. وقد خفيت هذه النكتة على ابن عصفور ، فقال : هربوا من محذور ـ وهو أن يفصلوا بين «كان» واسمها بمعمول خبرها ـ فوقعوا في محذور آخر ، وهو تقديم معمول الخبر حيث لا يتقدّم خبر المبتدأ وقد بينّا أن امتناع تقديم الخبر في ذلك لمعنى مفقود في تقديم معموله ، وهذا بخلاف علّة امتناع تقديم المفعول على «ما» النافية في نحو : «ما ضربت زيدا» ، فإنه لنفس العلّة المقتضية لامتناع تقديم الفعل عليها ، وهو وقوع «ما» النّافية فيه حشوا.
تنبيه ـ ربما خولف مقتضى هذين الشرطين أو أحدهما في ضرورة أو قليل من الكلام.
فالأول كقوله [من السريع] :
٧٩٣ ـ وخالد يحمد ساداتنا |
|
[بالحقّ ، لا يحمد بالباطل](٢) |
وقوله [من الرجز] :
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو للفرزدق في ديوانه ١ / ١٨١ ، وخزانة الأدب ٩ / ٦٢٨ ، والدرر ٢ / ٧١ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١ / ٢٤٨ ، وشرح ابن عقيل ص ١٤٤.
(٢) البيت من السريع ، وهو بلا نسبة في المقرب ١ / ٨٤.