٧٩٠ ـ إنّ محلّا وإنّ مرتحلا |
|
[وإنّ في السّفر إذ مضوا مهلا](١) |
و «إنّ مالا وإنّ ولدا» فحذفوا الخبر مع أنه مؤكد بـ «إنّ» ، وفيه نظر ؛ فإن المؤكّد نسبة الخبر إلى الاسم ، لا نفس الخبر ؛ وقال الصفار : إنما فرّ الأخفش من حذف العائد في نحو : «الذي رأيته نفسه زيد» لأن المقتضي للحذف الطول ، ولهذا لا يحذف في نحو : «الذي هو قائم زيد» ، فإذا فرّوا من الطول فكيف يؤكدون؟ وأما حذف الشيء لدليل وتوكيده فلا تنافي بينهما ، لأن المحذوف لدليل كالثابت ، ولبدر الدين بن مالك مع والده في المسألة بحث أجاد فيه.
الرابع : أن لا يؤدّي حذفه إلى اختصار المختصر ؛ فلا يحذف اسم الفعل دون معموله ؛ لأنه اختصار للفعل ؛ وأما قول سيبويه في «زيدا فاقتله» وفي «شأنك والحجّ» وقوله [من الرجز] :
٧٩١ ـ يا أيّها الماتح ، دلوي دونكا |
|
[إنّي رأيت النّاس يحمدونكا](٢) |
إن التقدير : عليك زيدا ، وعليك الحجّ ، ودونك دلوي ، فقالوا : إنما أراد تفسير المعنى لا الإعراب ، وإنما التّقدير : خذ دلوي ، والزم زيدا ، والزم الحج ، ويجوز في «دلوي» أن يكون مبتدأ و «دونك» خبره.
الخامس : أن لا يكون عاملا ضعيفا ؛ فلا يحذف الجارّ والجازم والنّاصب للفعل ، إلّا في مواضع قويت فيها الدّلالة وكثر فيها استعمال تلك العوامل ، ولا يجوز القياس عليها.
السادس : أن يكون عوضا عن شيء ؛ فلا تحذف ما في «أمّا أنت منطلقا انطلقت» ، ولا كلمة «لا» من قولهم : «افعل هذا إمّا لا» ، ولا التاء من «عدة» و «إقامة» و «استقامة» ؛ فأمّا قوله تعالى : (وَإِقامِ الصَّلاةِ) [النور : ٣٧] فممّا يجب الوقوف عنده ، ومن هنا لم يحذف خبر «كان» لأنّه عوض أو كالعوض من مصدرها ، ومن ثمّ لا يجتمعان ؛ ومن هنا قال ابن مالك : إن العرب لم تقدّر أحرف النداء عوضا من «أدعو» و «أنادي» ، لإجازتهم حذفها.
__________________
(١) البيت من البحر المنسرح ، وهو للأعشى في ديوانه ص ٢٨٣ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٤٥٢ ، والخصائص ٢ / ٣٧٣ ، والدرر ٢ / ١٧٣ ، ولسان العرب مادة (رحل) ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ٣٢٩ ، ورصف المباني ص ٢٩٨.
(٢) البيت من الرجز ، وهو لجارية من بني مازن في الدرر ٥ / ٣٠١ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٠٠ ، وبلا نسبة في لسان العرب مادة (ميح) ، والأشباه والنظائر ١ / ٣٤٤.