(هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ) [التوبة : ٥٢] وهما «الظّفر والثواب» ا ه. ملخّصا.
وقال بعضهم : الحقّ أنّ في تعريف الأول ما يوجب الاتّحاد ، وفي التنكير يقع الاحتمال ، والقرينة تعيّن ، وبيانها هنا أنه عليه الصلاة والسّلام كان هو وأصحابه في عسر الدنيا فوسّع الله عليهم بالفتوح والغنائم ، ثم وعد عليه الصلاة والسّلام بأن الآخرة خير له من الأولى ؛ فالتقدير : إن مع العسر في الدنيا يسرا في الدنيا وإن مع العسر في الدّنيا يسرا في الآخرة ؛ للقطع بأنه لا عسر عليه في الآخرة ، فتحقّقنا اتحاد العسر ، وتيقنّا أن له يسرا في الدنيا ويسرا في الآخرة.
الخامس عشر : قولهم : «يجب أن يكون العامل في الحال هو العامل في صاحبها» ، وهذا مشهور في كتبهم وعلى ألسنتهم ، وليس بلازم عند سيبويه ، ويشهد لذلك أمور :
أحدها : قولك : «أعجبني وجه زيد متبسما ، وصوته قارئا» ، فإن صاحب الحال معمول للمضاف أو للجارّ مقدر ، والحال منصوبة بالفعل.
والثاني : قوله [من مجزوء الوافر] :
٨٨٦ ـ لميّة موحشا طلل |
|
[يلوح كأنّه خلل](١) |
فإن صاحب الحال عند سيبويه النكرة ، وهو عنده مرفوع بالابتداء ، وليس فاعلا كما يقول الأخفش والكوفيون ، والناصب للحال الاستقرار الذي تعلّق به الظرف.
والثالث : (وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) [المؤمنون : ٥٢] فإن (أُمَّةً) حال من معمول إن وهو (أُمَّتُكُمْ ،) وناصب الحال حرف التّنبيه أو اسم الإشارة ، ومثله (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً) [الأنعام : ١٥٣] ، وقال [من البسيط] :
٨٨٧ ـ ها بيّنا ذا صريح النّصح فاصغ له |
|
[وطع فطاعة مهد نصحه رشد](٢) |
العامل حرف التنبيه ، ولك أن تقول : لا نسلّم أن صاحب الحال طلل ، بل ضميره المستتر في الظرف ، لأن الحال حينئذ حال من المعرفة ، وأما جواب ابن خروف بأن الظرف إنما يتحمّل الضّمير إذا تأخّر عن المبتدأ فمخالف لإطلاقهم ولقول أبي الفتح في [من الوافر] :
__________________
(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه.