وقلت يوما : الفقهاء يلحنون في قولهم «البايع» بغير همز ، فقال قائل : فقد قال الله تعالى (فَبايِعْهُنَ) [الممتحنة : ١٢].
وقال الطبري في قوله تعالى : (أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ) [يونس : ٥١]. إن «ثمّ» بمعنى : هنالك.
وقال جماعة من المعربين في قوله تعالى : (وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) [الأنبياء : ٨٨] في قراءة ابن عامر وأبي بكر بنون واحدة : إنّ الفعل ماض ، ولو كان كذلك لكان آخره مفتوحا ، و «المؤمنين» مرفوعا.
فإن قيل : سكنت الياء للتّخفيف ، كقوله [من البسيط] :
٨٩٦ ـ هو الخليفة فارضوا ما رضي لكم |
|
[ماضي العزيمة ما في حكمه جنف](١) |
وأقيم ضمير المصدر مقام الفاعل.
قلنا : الإسكان ضرورة ، وإقامة غير المفعول به مقامه مع وجوده ممتنعة ، بل إقامة ضمير المصدر ممتنعة ، ولو كان وحده ؛ لأنه مبهم.
ومما يشتبه نحو : (تُوَلُّوا) بعد الجازم والنّاصب ، والقرائن تبين ؛ فهو في نحو : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ) [التوبة : ١٢٩] ماض ؛ وفي نحو : (وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ) [هود : ٣] ، (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ) [النور : ٥٤] مضارع ؛ وقوله تعالى : (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) [المائدة : ٢] الأول أمر ، والثاني مضارع ، لأن النهي لا يدخل على الأمر ، و (تَلَظَّى) في (فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى) (١٤) [الليل : ١٤] مضارع ، وإلّا لقيل : «تلظّت» ، وكذا «تمنّى» من قوله [من الطويل] :
٨٩٧ ـ تمنّى ابنتاي أن يعيش أبوهما |
|
[وهل أنا إلّا من ربيعة أو مضر](٢) |
ووهم ابن مالك فجعله ماضيا من باب [من المتقارب] :
٨٩٨ ـ [فلا مزنة ودقت ودقها] |
|
ولا أرض أبقل إبقالها (٣) |
__________________
(١) البيت من البسيط ، وهو لجرير في ديوانه ص ١٧٥ ، ولسان العرب ٨ / ١٩٥ مادة / صدع /.
(٢ و ٣) البيت من الطويل ، وهو للبيد بن ربيعة وفي ديوانه ص ٢١٣ ، والأزهية ص ١١٧ ، والأغاني ١٥ / ٣٠٥ ، وخزانة الأدب ٤ / ٣٤٠ والدرر ٦ / ٢٧٠.