أَنْفُسُهُمْ) [آل عمران : ١٥٤] الآية. «قد أهمّتهم» : صفة لـ «طائفة» ، و «يظنّون» : صفة أخرى ، أو حال بمعنى قد أهمتهم أنفسهم ظانّين ، أو استئناف على وجه البيان للجملة قبلها ، و «يقولون» : بدل من «يظنّون» ، فكأنه نسي المبتدأ ؛ فلم يجعل شيئا من هذه الجمل خبرا له.
قلت : لعلّه رأى أن خبره محذوف ، أي : ومعكم طائفة صفتهم كيت وكيت ، والظاهر أن الجملة الأولى خبر ، وأن الذي سوّغ الابتداء بالنكرة صفة مقدّرة ، أي : وطائفة من غيركم ، مثل «السّمن منوان بدرهم» أي : منه ، أو اعتماده على واو الحال كما جاء في الحديث : «دخل عليه الصّلاة والسّلام وبرمة على النّار».
وسألت كثيرا من الطلبة عن إعراب «أحقّ ما سأل العبد مولاه» فيقولون : «مولاه» مفعول ، فيبقى لهم المبتدأ بلا خبر ؛ والصّواب أنه الخبر ، والمفعول العائد المحذوف : أي سأله ؛ وعلى هذا فيقال : أحقّ ما سأل العبد ربّه ، بالرفع ؛ وعكسه «إنّ مصابك المولى قبيح» يذهب الوهم فيه إلى أن «المولى» خبر ، بناء على أن المصاب اسم مفعول ، وإنما هو مفعول ، والمصاب مصدر بمعنى الإصابة ، بدليل مجيء الخبر بعده ، ومن هنا أخطأ من قال في مجلس الواثق بالله في قوله [من الكامل] :
٩٠١ ـ أظلوم إنّ مصابكم رجلا |
|
أهدى السّلام تحيّة ظلم (١) |
إنه برفع «رجل» ، وقد مضت الحكاية.
تنبيه ـ قد يكون للشيء إعراب إذا كان وحده ؛ فإذا اتّصل به شيء آخر تغير إعرابه ، فينبغي التحرّز في ذلك.
من ذلك «ما أنت ، وما شأنك» فإنّهما مبتدأ وخبر ، إذا لم تأت بعدهما بنحو قولك : «وزيدا» فإن جئت به فـ «أنت» مرفوع بفعل محذوف ، والأصل : ما تصنع؟ أو ما تكون ، فلما حذف الفعل برز الضّمير وانفصل ، وارتفاعه بالفاعلية ، أو على أنه اسم لـ «كان» ، و «شأنك» بتقدير : ما يكون ، وما فيهما في موضع نصب خبرا لـ «يكون» ، أو مفعولا لـ «تصنع». ومثل ذلك «كيف أنت وزيدا» إلا أنك إذا قدرت تصنع كان «كيف» حالا ، إذ لا تقع مفعولا به.
وكذلك يختلف إعراب الشيء باعتبار المحلّ الذي يحل فيه ، وسألت طالبا : ما