لأنه عار عن معنى التقرّب.
والثانية : جواز حذف خبر المبتدأ في نحو : «إنّ زيدا قائم وعمرو» اكتفاء بخبر «إنّ» ، لما كان «إنّ زيدا قائم» في معنى : «زيد قائم» ؛ ولهذا لم يجز «ليت زيدا قائم وعمرو».
والثالثة : جواز «أنا زيدا غير ضارب» لما كان في معنى : أنا زيدا لا أضرب ، ولو لا ذلك لم يجز ؛ إذ لا يتقدّم المضاف إليه على المضاف ؛ فكذا لا يتقدّم معموله ، لا تقول : «أنا زيدا أوّل ضارب ، أو مثل ضارب» ودليل المسألة قوله تعالى : (وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ) [الزخرف : ١٨] ، وقول الشاعر [من الطويل] :
٩٠٤ ـ فتى هو حقّا غير ملغ تولّه |
|
ولا تتّخذ يوما سواه خليلا (١) |
وقوله [من البسيط] :
٩٠٥ ـ إنّ امرأ خصّني يوما مودّته |
|
على التّنائي لعندي غير مكفور (٢) |
ويحتمل أن يكون منه (فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ) [المدثر : ٩ ـ ١٠] ؛ ويحتمل تعلق «على» بـ «عسير» ، أو بمحذوف هو نعت له ، أو حال من ضميره.
ولو قلت : «جاءني غير ضارب زيدا» لم يجز التقديم ؛ لأن النافي هنا لا يحلّ مكان غيره.
والرابعة : جواز «غير قائم الزّيدان» لما كان في معنى : ما قائم الزيدان ، ولو لا ذلك لم يجز ؛ لأن المبتدأ إما أن يكون ذا خبر أو ذا مرفوع يغني عن الخبر. ودليل المسألة قوله [من الخفيف] :
٩٠٦ ـ غير لاه عداك فاطّرح الله |
|
و، ولا تغترر بعارض سلم (٣) |
وهو أحسن ما قيل في بيت أبي نواس [من الرمل] :
٩٠٧ ـ غير مأسوف على زمن |
|
ينقضي بالهمّ والحزن (٤) |
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في الدرر ٥ / ١٧ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٩٥٣.
(٢) البيت من البحر البسيط ، وهو لأبي زبيد الطائي في الدرر ٢ / ١٨٣ ، ولسان العرب مادة (خصص) ، وبلا نسبة في الإنصاف ١ / ٤٠٤ ، ورصف المباني ص ١٢١.
(٣) البيت من الخفيف ، وهو بلا نسبة في تذكرة النحاة ص ٣٦٦ ، وشرح ابن عقيل ص ١٠١.
(٤) البيت من المديد ، وهو لأبي نواس في الدرر ٢ / ٦ ، وامالي ابن الحاجب ص ٦٣٧ ، وخزانة الأدب ١ / ٣٤٥ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٣ / ٩٤ ، وشرح الأشموني ١ / ٨٩.