وقوله [من الرمل] :
٤٤ ـ لذ بقيس حين يأبى غيره |
|
تلفه بحرا مفيضا خيره |
وذلك في البيت الأول أقوى ، لأنه انضمّ فيه إلى الإبهام والإضافة لمبني تضمّن غير معنى «إلّا».
______________________________________________________
ثم ارعويت وقد طال الوقوف بنا |
|
فيها فصرت إلى وجناء شملال |
والوجناء الناقة الشديدة وقيل : العظيمة الوجنتين والشملال الخفيفة السريعة ، والأوقال بواو وقاف إما جمع وقل بفتح الواو وهو الحجارة ، أو بإسكانها وهو شجر المقل أو ثمرة ، فيكون المعنى على الأول في غصون ذات حجارة في أرض نبتت فيها ، وعلى الثاني في غصون ذات مقل نبتت هي في أرض تلك الشجرة ، وعلى الثالث في غصون ذات ثمر مقل فتكون هذه الغصون نفسها من شجر المقل ، ومعنى البيت أنه لم يمنع الناقة من الشرب إلا سماعها لصوت حمامة في تلك الغصون ، فتفرقت يريد أنها حديدة الحس وهو محمود ، أو أنها لما سمعت صوت الحمامة حنت إلى عطنها واشتاقت إلى وطنها ، فلم تشرب ، وكأن بعض الناس سأل فقال : كيف يقال إن غير أضيفت في البيت لمبني مع أن هذا المضاف إليه في تقدير معرب ، وهو النطق فلم تضف في الحقيقة إلا لمعرب ، فقلت : المعرب إنما هو الاسم الذي يؤول به ، وأما الحرف المصدري وصلته فمبني ألا تراهم يقولون المجموع في موضع كذا ، ومما يدل على ذلك أن هذا المضاف إليه وهو مجموع أن نطقت حمامة إذا قيل بأنه معرب ، لم يخل أن يكون إعرابه لفظيا أو تقديريا وكلاهما باطل.
أما الأوّل فظاهر وأما الثاني فلأن تقدير الإعراب إنما يكون في آخر المعرب ، وهنا ليس كذلك قطعا (وقوله :
لذ بقيس حين يأبى غيره |
|
تلفه بحرا مفيضا خيره) (١) |
يأبى يمتنع وفي بعض النسخ ينأى من النأي وهو البعد وتلفه بالفاء : أي تجده (وذلك) أي : البناء (في البيت الأول أقوى) منه في البيت الثاني ؛ (لأنه انضم فيه إلى الإضافة لمبني تضمن غير معنى إلا) ؛ إذ المعنى لم يمنع الشرب منها إلا أن نطقت حمامة ، وتضمن الحرف من مقتضيات البناء وهو مفقود في البيت الثاني ، ولقائل أن يقول : التعليل بذلك غير صحيح لإفضائه إلى إفساد الحكم ، وذلك لأن تضمن الحرف موجب للبناء لا مجوز ، فلو اعتبر في البيت لوجب
__________________
(١) تقدم تخريجه.