وقال الجرمي : لا تفيد الفاء الترتيب في البقاع ولا في الأمطار ، بدليل قوله [من الطويل]:
٤٩ ـ [قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل |
|
بسقط اللوى] بين الدّخول فحومل |
وقولهم : «مطرنا مكان كذا فمكان كذا» ، وإن كان وقوع المطر فيهما في وقت واحد.
الأمر الثاني : التعقيب ، وهو في كل شيء بحسبه ، ...
______________________________________________________
أهلها ، وإنما قدرناه قبل الضمير في جاءها لقوله أو هم قائلون هذا كلامه ، يريد أنه إنما يقدر المضاف لضرورة طلب الراجع ، ولو لا هو لكنا في غنية عن تقديره لصحة إطلاق الإهلاك على القرية حقيقة ، كما يصح إطلاقه على الأهل كذلك ، وقال صاحب «الفرائد» إرادة الحقيقة مانعة المجاز وهو الأهل هنا ، فإن كان المراد من ذكر القرية هنا الأهل بدليل أو هم قائلون امتنع أن يكون مفهوم القرية مرادا ، وأجيب بأن إرادة الحقيقة والمجاز إنما يلزم إذا أريد بالقرية أهلها ونفسها معا وليس كذلك ، فإنما نقدر المضاف في الثاني لا في الأول ، فعلى هذا توجه الإهلاك إلى الأهل أصالة ليستلزم إهلاك القرية على سبيل الكناية ، وكأنه قيل وكم من قرية أردنا إهلاكها فأهلكنا أهلها ، فتبقى معطلة خاوية على عروشها فتكون عبرة ، فالضمير في أهلكناها وفي فجاءها راجع إلى القرية ، وفي أو هم راجع إلى أهل المقدر في فجاءها بأسنا (وقال الجرمي) بفتح الجيم (لا تفيد الفاء الترتيب في البقاع ، ولا في الأمطار بدليل قوله) :
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل |
|
بسقط اللسوى (بين الدخول فحومل) |
السقط بكسر السين المهملة معناه هنا منقطع الرمل ، حيث يستدق من طرفه ، واللوى بكسر اللام ، والقصر رمل يعوج ويلتوي والدخول بفتح الدال المهملة موضع ، وحومل موضع آخر فالفاء هنا بمعنى الواو أي : بين الدخول وحومل (وقولهم : مطرنا مكان كذا فمكان كذا ، وإن كان وقوع المطر فيهما في وقت واحد) فتكون الفاء في هذا أيضا كالواو وسيأتي الجواب عن ذلك.
(الأمر الثاني التعقيب) ومعناه كون ما بعد الفاء واقعا بعقب ما قبلها من غير مهملة وتراخ (وهو في كل شيء بحسبه) يشير إلى ما قاله ابن الحاجب من أن المعتبر ما يعد في العادة مرتبا من غير مهملة ؛ فقد يطول الزمان والعادة تقضي في مثله بانتفاء المهلة ، وقد يقصر والعادة تقضي بالعكس فإن الزمان الطويل قد يستقرب بالنسبة إلى عظم الأمر فيستعمل الفاء ، وقد يستبعد الزمان
__________________
(١) تقدم تخريجه.