صادق» ، ثم جاء النّصب بعدها نظرا إلى المعنى ، وإن كانا إنما حكما بالنفي لثبوب النصب فغير مستقيم ، لمجيء قوله [من الوافر] :
٧٨ ـ [سأترك منزلي لبني تميم] |
|
وألحق بالحجاز فأستريحا (١) |
وقراءة بعضهم : (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ) [الأنبياء : ١٨].
مسألة ـ قيل : يجوز النّصب على الاشتغال في نحو : «خرجت فإذا زيد يضربه عمرو» مطلقا ؛ وقيل : يمتنع مطلقا ، وهو الظاهر ؛ لأن «إذا» الفجائية لا يليها إلا الجمل الاسميّة. وقال أبو الحسن وتبعه ابن عصفور : يجوز في نحو : «فإذا زيد قد ضربه عمرو» ويمتنع بدون «قد» ووجهه عندي أن التزام الاسميّة مع «إذا» هذه إنما كان للفرق بذلك ؛ إذ لا تقترن الشرطية بها.
* (قطّ) ـ على ثلاثة أوجه :
أحدها : أن تكون ظرف زمان لاستغراق ما مضى ، وهذه بفتح القاف وتشديد الطّاء مضمومة في أفصح اللغات ، وتختصّ بالنفي ، يقال : «ما فعلته قطّ» ، والعامة يقولون : «لا أفعله قطّ» ، وهو لحن. واشتقاقه من «قططته» ، أي : قطعته ، فمعنى : «ما فعلته قطّ» : ما فعلته فيما انقطع من عمري ؛ لأن الماضي منقطع عن الحال والاستقبال. وبنيت لتضمنها معنى «مذ» و «إلى» ، إذ المعنى : مذ أن خلقت إلى الآن ، وعلى حركة لئلّا يلتقي ساكنان ، وكانت الضّمة تشبيها بالغايات ، وقد تكسر على أصل التقاء الساكنين ، وقد تتبع قافه طاءه في الضمّ ، وقد تخفّف طاؤه مع ضمها أو إسكانها.
والثاني : أن تكون بمعنى «حسب» ، وهذه مفتوحة القاف ساكنة الطّاء ، يقال : «قطي» ، و «قطك» ، و «قط زيد درهم» كما يقال : «حسبي» ، و «حسبك» ، و «حسب زيد درهم» ، إلا أنها مبنيّة لأنها موضوعة على حرفين ، و «حسب» معربة.
والثالث : أن تكون اسم فعل بمعنى «يكفي» ، فيقال : «قطني» ـ بنون الوقاية ـ كما يقال : «يكفيني».
وتجوز نون الوقاية على الوجه الثاني ، حفظا للبناء على السكون ، كما يجوز في «لدن» و «من» و «عن» كذلك.
__________________
(١) البيت من البحر الوافر ، وهو لمغيرة بن حبناء في خزانة الأدب ٨ / ٥٢٢ ، والدرر ١ / ٣٤٠ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٥١ ، وبة نسبة في الدرر ٥ / ١٣٠ ، ورصف المباني ص ٣٧٩.