فظهر : إنّ صاحب الكفاية مخالفٌ للمشهور ، وأنّ جوابه عن استدلالهم يرجع إلى أنّه يستلزم اجتماع المتقابلين في الشيء الواحد ، وهو محال ، فالدور وإن اندفع بما ذكر ، لكن ملاك الاستحالة موجود.
وأورد الميرزا على المشهور بوجهٍ آخر هو في الحقيقة أوّل أدلّته على عدم المقدميّة فقال كما في (أجود التقريرات) (١) ما حاصله : إنّ استدلالهم يستلزم انقلاب المحال إلى الممكن ، وهو محال ، فالمقدميّة محال ... وتوضيح كلامه :
إنّه لا ريب في اختلاف المرتبة بين العلّة والمعلول ، وكذا بين أجزاء العلّة ، وأنّ استناد عدم المعلول إلى كلّ جزءٍ منها مقدّم رتبةً على استناده إلى الجزء المتأخّر عنه ... كما ذكرنا من قبل. فهذه مقدّمة.
ومقدّمة أُخرى هي : إنّ المحال وجوداً محالٌ اقتضاءً أيضاً ، فلا فرق في الاستحالة بين الفعليّة والاقتضاء ، لأنّه إنْ كان المقتضي للضدّين موجوداً حصل لهما إمكان الوجود ، والمفروض أنّه محال.
وعلى هذا ، فإنّ عدم الضدّ ـ كالسّواد ـ لو كان مقدّمةً لوجود الضدّ الآخر كالبياض ، فإنّ هذه المقدميّة ليست إلاّ لمانعيّة وجود السّواد ، فكان عدمه شرطاً لوجود البياض ، وهو شرط عدمي ، لكنّ هذه المانعيّة موقوفة على أن يكون هناك ما يقتضي وجود البياض ، فيلزم اقتضاء وجود الضدّين في آنٍ واحد ، وهو محال بحكم المقدمة الثانية ، وإلاّ يلزم انقلاب المحال إلى الممكن ....
فظهر أنّ القول بالمقدميّة مستلزم للمحال ، وكلّ ما يستلزم المحال محالٌ.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ / ١٦ ـ ١٧.