الأمر مصداق للبعث والنهي مصداق للزجر. وتوضيح ذلك :
إنه لا يخفى الفرق بين المفهوم والمصداق ، فكلّما كان الاتّحاد بين الشيئين مفهوميّاً كان الحمل بينهما أوّليّاً ، وكلّما كان الاتحاد بينهما في الوجود كان الحمل شائعاً. فالمفهوم ـ أي الصّورة الذهنيّة ـ من «زيد» غير ما هو المفهوم من «الإنسان» إلاّ أنّهما في الوجود واحد ، وهذا معنى المصداقيّة. فهذا مطلب. ومطلب آخر هو : إنّ مفهوم «البعث» لا يستلزم «الانبعاث» لكن مصداقه يستلزمه.
فإذا كان الأمر مصداقاً للبعث ، فللبعث وجودٌ ، ويستلزم وجود الانبعاث ، ووجوده يستلزم القدرة ... وعليه ، فالبعث الإمكاني ـ بمعنى وجود المقتضي وعدم موانع الطاعة ـ يستلزم الانبعاث الإمكاني ... ولو لا القدرة لما تحقّق الانبعاث ... فانفكاك الانبعاث عن القدرة غير معقول ... فتكون من شرائط التكليف ، إمّا بحكم العقل وامّا باقتضاء نفس الخطاب.
فظهر سقوط ما ذهب إليه السيّد المحقّق الخوئي.
وأنّ الحق عدم تماميّة التمسّك بإطلاق المادّة ومتعلّق الأمر ، لكون المتعلّق مقيّداً عقلاً بالقدرة ، إذ الحكم العقلي هنا ـ سواء على مبنى المحقّق الثاني أو المحقّق النائيني ـ يصلح لأن يعتمد عليه المولى ويكتفي به إن كان غرضه هو المقيّد ، فلا كاشف عن الملاك.
أقول : وهذا الذي ذكر ـ أعني صلاحيّة ذلك لأن يعتمد عليه المولى ـ موجود في كلمات السيّد الخوئي أيضاً في (تعاليقه) (١).
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ / ٣٠. الهامش.