وأمّا الأمر الثاني ، فكذلك.
إنّما الكلام في الأمر الثالث ، وهو بقاء الدلالة الالتزاميّة بعد سقوط المطابقيّة ، باقتضاء الخطاب كما عليه الميرزا ، أو بحكم العقل من قبح تكليف العاجز كما عليه المشهور ، وقد ذكروا في بيان بقائها ما حاصله : إنّ ذلك مقتضى التفكيك في الحجية وأنّ الضرورات تتقدّر بقدرها ، فأمّا الدلالة المطابقيّة فقد سقطت لأن امتثالها كان مشروطاً بالقدرة فإذا انتفت سقطت ، وأمّا الملاك فغير مقيّد بالقدرة ولا دخل لها فيه ، فلا موجب لسقوط الدلالة الالتزاميّة ....
هذا ، وقد نصّ على بقاء الدلالة الالتزاميّة مع سقوط المطابقيّة عدّة من الأكابر كصاحب الكفاية والميرزا والعراقي ، وبنوا على هذا المبنى واستنتجوا منه في موارد ... كما في باب التعارض بين الخبرين حيث قال الميرزا بدلالتهما على نفي الثالث بالالتزام ، فلو دلّ أحدهما على الوجوب والآخر على الحرمة ، ثبت عدم الاستحباب.
وقال آخرون : بعدم معقوليّة بقاء الدلالة الالتزاميّة بعد سقوط المطابقيّة ، وعليه فلا كشف عن الملاك بهذا الطريق ... وقد أورد على المبنى الأوّل بعدّة نقوض :
النقض الأوّل : إنّه لو قامت البيّنة على ملاقاة الشيء للبول مثلاً ، فهنا دلالتان : الملاقاة للبول وهي الدلالة المطابقيّة ، ونجاسة الملاقي وهي الدلالة الالتزاميّة. فإن انكشف كذب البيّنة سقطت الدلالة المطابقيّة كما هو واضح ، فهل تبقى الدلالة الالتزاميّة؟ مقتضى القول بعدم التبعيّة بقاؤها ، وهو باطل بالضرورة